صفحة جزء
ذكر اليمين بمكة بين البيت والمقام

واختلفوا في وجوب اليمين بمكة بين البيت والمقام ، فقالت طائفة : يستحلف بين البيت والمقام إذا كان ما يدعيه المرء عشرين دينارا ويحلف على الطلاق والحدود كلها والجراح العمد صغرت أو كبرت ، وعلى جراح الخطأ إن بلغ أرشها عشرين دينارا . وكذلك العبد يدعي العتق إن بلغت قيمته عشرين دينارا أحلف سيده هذا قول الشافعي قال : وهو قول حكام المكيين ومفتيهم . قال : ومن حجتهم فيه مع إجماعهم :

6565 - أن مسلم بن خالد والقداح أخبراني ، عن ابن جريج ، عن عكرمة بن خالد ، أن عبد الرحمن بن عوف رأى قوما يحلفون بين البيت والمقام فقال : أعلى دم ؟ قالوا : لا . [قال ] : فعلى عظيم من الأمر ؟ فقالوا : لا . قال : لقد خشيت أن يتهاون الناس بهذا المقام . [ ص: 19 ]

قال الشافعي : فذهبوا إلى أن العظيم من الأموال عشرون دينارا فصاعدا [قال ] : ولو أخطأ الحاكم في رجل عليه اليمين بين البيت والمقام فأحلفه ، ولم يحلفه بين البيت والمقام ، فالقول فيه واحد من قولين . أحدهما : أن لا [تعاد ] عليه ، والآخر : أن [تعاد ] اليمين التي يؤخذ منه ما عليه .

قال أبو بكر : وأصح مذهبيه أن لا يعاد اليمين ، لأنه قال في كتاب اللعان : وإن أخطأ الإمام بمكة أو بالمدينة فلاعن بين الزوجين في غير المسجد لم يعد اللعان عليهما ، لأنه قد مضى اللعان عليهما ولأنه حكم قد مضى .

قال أبو بكر : فكذلك إذا أحلفه الحاكم في غير المسجد أو في المسجد ولم يستحلفه بين البيت والمقام لم يعد ، لأنه حكم قد مضى . وفيه قول ثان وهو : ألا يجب الاستحلاف بين البيت والمقام ولا عند منبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ولكن الحاكم يستحلفه في مجلسه . هذا قول النعمان ويعقوب . [ ص: 20 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية