صفحة جزء
ذكر / اليمين بالمدينة عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم .

6566 - حدثنا محمد بن إسماعيل، قال : حدثنا مكي بن إبراهيم ، قال : حدثنا هاشم بن هاشم ، عن عبد الله بن نسطاس مولى كثير بن الصلت ، عن جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "من حلف على منبري هذا ولو - يعني - على سواك أخضر تبوأ مقعده من النار " .

قال أبو بكر : وقد تكلم الناس في اليمين عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان مالك يقول : يحلف على منبر النبي صلى الله عليه وسلم على ثلاثة دراهم وهو (كان) ربع دينار ، ويحلف قائما عندي أبين ، والأيمان في القسامة في الدماء واللعان والحقوق التي تكون بين الناس ليس يحلف أحد عند منبر إلا منبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا أرى أن يحلف على المنبر على أقل من ثلاثة دراهم . وكان الشافعي يقول : من ادعى مالا أو دعي قبله فكانت يمينا نظر ، فإن كان عشرين دينارا فصاعدا فإن كان بالمدينة حلف على منبر النبي صلى الله عليه وسلم . [ ص: 21 ]

6567 - أخبرنا الربيع، قال : أخبرنا الشافعي، قال : وأخبرنا عن الضحاك بن عبد الرحمن الحزامي ، عن نوفل بن مساحق العامري ، عن المهاجر بن أبي أمية قال : كتب إلي أبو بكر الصديق : أن ابعث إلي بقيس بن مكشوح في وثاق - أراه قال : فبعثته إليه - فأحلفه خمسين يمينا عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قتل دادوي .

6568 - وأخبرنا الربيع قال : قال الشافعي : أخبرنا مالك، ، عن داود بن الحصين ، أنه سمع أبا غطفان بن طريف المري قال : اختصم زيد بن ثابت ، وابن مطيع إلى مروان بن الحكم في دار ، فقضى باليمين على زيد بن ثابت على المنبر ، فقال له زيد : أحلف له مكاني . فقال مروان : لا والله إلا عند مقاطع الحقوق ، فجعل زيد يحلف إن حقه لحق ويأبى أن يحلف على المنبر ، فجعل مروان يعجب من ذلك .

قال مالك : كره زيد صبر اليمين . قال الشافعي : واليمين على المنبر مما لا اختلاف فيه عندنا في قديم ولا حديث علمته . [ ص: 22 ]

قال أبو بكر : وقد احتج بعض من يرى أن اليمين على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب بحديث سماك عن علقمة بن وائل عن أبيه قال : فانطلق ليحلف . وقد ذكرت الحديث فيما مضى . وقالت طائفة : لا يجب اليمين في مكان بعينه ، ولكن الحكام يستحلفون من وجبت عليه اليمين في مجالسهم . هذا قول النعمان ، ويعقوب ، وابن الحسن .

قال أبو بكر : وقد احتج بعض من يميل إلى هذا القول بأنا لم نجد عن النبي صلى الله عليه وسلم خبرا ثابتا أنه أمر بأن يستحلف الناس في هذين المكانين ولا في أحدهما ، وقوله : "من حلف على منبري " وهذا لا يوجب أن الاستحلاف ثم يجب ، إنا لا نعلم خبرا يوجب التحديد الذي فرضه من لزم اليمين بالمدينة عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على ربع دينار ، وبمكة بين البيت والمقام على عشرين دينارا ، واحتج غيره ممن يرى أن يستحلف الناس في هذين الموضعين بقوله : "من حلف على منبري هذا ولو على سواك أخضر " . أن اليمين يجب عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أن الأيمان كانت تكون عند منبره ولولا ذلك ما كان لذكر المنبر معنى ، وإذا وجب ذلك وجب في قليل ما يدعيه المدعي وكثيره ؛ لأن التغليظ إنما وقع على من حلف ولو على سواك .

قال أبو بكر : وأهل الحرمين كالمجتمعين على أن اليمين بمكة يجب بين البيت والمقام ، بالمدينة عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم . [ ص: 23 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية