صفحة جزء
ذكر المريض الذي له أن يتيمم

اختلف أهل العلم في التيمم للمريض الواجد للماء، فقال كثير منهم: لمن به القروح أو الجروح أو الجدري، وخاف على نفسه أن يتيمم وإن وجد الماء، روينا عن ابن عباس رفعه في قوله: ( وإن كنتم مرضى أو على سفر ) وقال: إذا كانت بالرجل جراحة في سبيل الله، أو قروح، أو جدري، فجنب، فخاف أن يغتسل فيموت، يتيمم بالصعيد .

519 - حدثنا موسى بن هارون، نا إسحاق، نا جرير، عن عطاء، عن ابن جبير عن ابن عباس ، رفعه مثله.

520 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن الثوري ، عن عاصم الأحول، عن قتادة، عن ابن جبير، عن ابن عباس قال: رخص للمريض في الوضوء التيمم بالصعيد، وقال ابن عباس: أرأيت إن كان مجدرا كأنه صمغة، كيف يصنع؟ [ ص: 139 ]

521 - حدثنا إسحاق، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، أخبرني أبان، عن النخعي ، عن علقمة، أن رجلا كان به جدري، فأمره ابن مسعود يقرب ترابا في طشت أو تور فيتمسح بالتراب ورخص مجاهد في التيمم للمجدور، وقال عكرمة: يتيمم الذي به القروح، أو الجروح ورخص طاوس في ذلك للمريض الشديد المرض، وكذلك قال قتادة، وحماد بن أبي سليمان، وإبراهيم: الذي به الجدري أن يتيمم وكذلك قال مالك في المجدور، والمحصوب إذا خافا على أنفسهما، وقال الشافعي إذ هو بالعراق: لا يجوز التيمم في الحضر إلا لواحد من اثنين: من به قرح أو ضنى يخاف إن توضأ أو اغتسل التلف، أو شدة الضنى فيتيمم.

وقال بمصر: الذي سمعت أن المرض الذي للمرء أن يتيمم في [ ص: 140 ] الجراح، والقروح، ذو الغور كله مثل الجراح؛ لأنه يخاف في كله إذا مسه الماء أن ينطف، فيكون من النطف التلف، والمرض المخوف، وأقله ما يخاف هذا فيه.

وحكي عنه أنه قال: والمريض في الحضر إذا كان مرضه الجدري أو الجروح يخاف إن مس الماء مات، أو زادت عليه، تيمم وصلى.

وقالت طائفة: إنما رخص في التيمم للمريض الذي لا يجد الماء، فأما من وجد الماء فليس يجزئه إلا الاغتسال واحتج بظاهر قوله بعد أن ذكر المريض وغيره: ( فلم تجدوا ماء ) هذا قول عطاء، قال عطاء: وقد احتلمت مرة وأنا مجدور فاغتسلت، هي لهم كلهم.

وكان الحسن يقول في المجدور تصيبه الجنابة: يسخن له الماء فيغتسل به، ولا بد من الغسل.

قال أبو بكر: وبالقول الأول أقول؛ لأن الله تعالى قال: ( ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما ) وقد ثبت أن عمرو بن العاص احتلم في ليلة باردة، فأشفق إن اغتسل أن يهلك، فتيمم وصلى، وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فضحك ولم يقل شيئا، وليس بين من خاف إن اغتسل أن يتلف من [ ص: 141 ] البرد، وبين من به علة يخاف الموت إن اغتسل من أجلها فرق، والنبي صلى الله عليه وسلم المبين عن الله تعالى معنى ما أراد، ولو كان ما فعل عمرو غير جائز لعلمه ذلك، ولأمره بالإعادة، ففي إقراره ذلك من فعله، وتركه الإنكار عليه دليل على إجازة ما فعله.

وقد روينا عنه عليه السلام في رجل أصابه جراح على عهده، ثم أصابه احتلام، فأمر بالاغتسال، فاغتسل فمات، فبلغ ذلك النبي عليه السلام، فقال: ألم يكن شفاء العي السؤال؟

وهذا الحديث وإن كان ظاهره حجة لقولنا، ففي إسناده مقال؛ لأن عبد الرزاق أدخل بين الأوزاعي وبين عطاء رجلا، وقال بشر بن بكر: نا الأوزاعي قال: بلغني أن عطاء قال إنه سمع ابن عباس.

وفي ظاهر الآية، وخبر عمرو كفاية، عن كل قول.

وقال الحسن في المريض يحضره الصلاة وليس عنده من يناوله الماء، ولا يستطيع أن يقوم إليه، يتيمم ويصلي.

وقال أصحاب [ ص: 142 ] الرأي في المريض المقيم في المصر لا يستطيع الوضوء لما به من المرض: يجزئه التيمم، وقالوا في المريض لا يقدر على الوضوء بمنزلة المجدور. وكذلك قال إسحاق.

التالي السابق


الخدمات العلمية