صفحة جزء
ذكر دعوى الحميل

قال أبو بكر : وإذا سبي صبيان فوقع كل واحد منهما في سهم رجل فأعتقه ، ثم ادعى كل واحد منهما أن الآخر أخوه لأبيه وأمه ، فإنه لا يصدق على هذا ، ولا يتوارثون إلا ببينة تثبت أنسابهم ، وكذلك لو كانت معهم امرأة فادعت أنها أمهم فصدقاها ، فإنها لا تصدق ولا يقبل قولهم إلا ببينة .

والحميل : كل نسب في دار الحرب ، فالأخ وابن الأخ والعم وابن العم والخال وابن الخال ، والمرأة تدعي الصبي والجدة والخالة ، وكل نسب فهو في هذا الباب سواء ، وهذا قول أبي ثور وأصحاب الرأي .

6672 - حدثنا محمد بن علي، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا سفيان عن ابن جدعان ، عن سعيد بن المسيب ، قال : كتب عمر بن الخطاب : ألا تورثوا حميلا إلا ببينة .

6673 - حدثنا يحيى ، قال حدثنا أبو الربيع ، قال : نا حماد ، قال : حدثنا عاصم ، عن الشعبي، أن عمر كتب إلى شريح : ألا تورثوا حميلا إلا ببينة .

قال أبو بكر : وبهذا قال سفيان الثوري ، وأحمد بن حنبل، وعبيد الله بن الحسن ، وكذلك قال عطاء بن أبي رباح ، وقال مالك : [ ص: 200 ] الأمر عندنا أنه لا يورث أحد من الأعاجم شيئا بولادة العجم . إلا أن تكون امرأة جاءت حاملا من أرض العجم فولدت في العرب فهو ولدها يرثها إن ماتت ، وترثه إن مات ميراثها في كتاب الله . وقال الشافعي : إذا ادعى الأعاجم بولادة الشرك إخوة بعضهم لبعض ، فإن كانوا جاؤونا مسلمين لا ولاء لأحد عليهم بعتق قبلنا دعواهم [كما قبلنا دعوى غيرهم ] من أهل الجاهلية الذين أسلموا ، وإن كانوا مسبيين عليهم رق أو عتقوا فثبت عليهم ولاء لم تقبل دعواهم إلا ببينة تثبت على ولادة أو دعوى معروفة كانت قبل السباء ، وهكذا من قل منهم أو كثر أهل حصن كانوا أو غيرهم .

وقد ذكرت اختلافهم في تفسير الحميل في كتاب المواريث . وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : لو أن رجلا أعتق صبيا وأعتق آخر رجلا ، ثم ادعى [الرجل ] أنه ابنه ، وأقر الصبي بذلك وقد احتلم ، ومثله يولد لمثله أنه ابنه وهذا جائز وكل واحد منهما مولى للذي أعتقه .

وقالوا : لو أن رجلا من العرب أو الموالي معروفا ادعى أخا مجهولا وصدقه الآخر بذلك لم يصدق على النسب ، ولم يثبت النسب من الولد بقولهما ، ولكنه يرث معه على ما بينا ، وكذلك دعوة الرجل ابن أخيه أو ابن عمه أو ابن أخته أو خاله أو عمه أو ذا رحم محرم ، فإنه لا يصدق على ذلك ، ولا يثبت نسبه . [ ص: 201 ]

وقال أبو ثور : إذا ادعى رجل ابن رجل قد مات ، فقال : هذا ابن ابني ولم يكن الأب يقر بذلك لم تجز دعوته ، وكذلك لو كانت امرأة ، فادعت صبيا وأقر الصبي بذلك ثبت نسبه بقولها . وقال أصحاب الرأي كذلك غير أنهم قالوا : إن كان عبدا عتق بقوله ، فإن لم يكن لواحد منهما وارث معروف فالمال لصاحبه الذي أقر به إذا مات ، ولا يثبت نسب . وقال أبو ثور : إذا لم يكن له وارث يعرف فهو في بيت المال . وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : إذا أقر الرجل بابن من امرأة ، وصدقته فهو ثابت النسب منهما . وكذلك لو أقرت امرأة بولد من رجل فصدقها كان كذلك ، ولو أقر أن نكاحهما كان في الكفر أو في أهل الذمة أو دار الحرب ، أو أقر أن نكاحهما كان فاسدا ثبت النسب .

وقال أبو ثور وأصحاب الرأي : لا يجوز من الحميل دعوة أحد إلا أن المرأة تجوز دعوتها في الزوج والمولى والولد إذا صدقها زوجها ، والرجل تجوز دعوته في الولد والمرأة والمولى لمن أعتقه أو من أعتق تصدق دعوتهم إذا أقروا بذلك .

التالي السابق


الخدمات العلمية