صفحة جزء
ذكر دعوى أهل الإسلام وأهل الذمة الولد

قال أبو بكر : وإذا كانت أمة بين رجلين مسلم وذمي ، فجاءت بولد فادعياه جميعا ، فإن كانا يعذران بالجهالة أري القافة فبأي الرجلين ألحق ألحقناه به وصار على الذي يصير الولد له نصف قيمة الأم لصاحبه ، ونصف قيمة الولد ، ونصف العقر ، وإن كانت للمسلم كانت أم ولد له مسلمة كانت أو ذمية ، فإن صارت للذمي كانت أم ولد له ، وكان له أن يطأها إن كانت ذمية ، وليس له أن يطأها إن كانت مسلمة ولا يبيعها ، وهي تخدمه مثل ما تخدم مثلها مثله ، فإذا مات فهي حرة ، وإن أسلم كان له أن يطأها ، ولا تعتق بإسلامها عليه ، وهذا قول أبي ثور ، وذكر أنه على مذهب الشافعي .

قال أبو بكر : وقد اختلفوا في أم ولد النصراني تسلم ، فكان مالك يقول : تعتق ولا تباع . وقال النعمان : يقضى عليها بأن تسعى في قيمتها ، وقال الثوري : تقوم قيمة تكون عليها .

وفيه قول ثالث : وهو أن تقوم قيمة ، ثم يلقى الشطر وتؤدي الشطر وهي حرة ، هكذا قال الأوزاعي . [ ص: 213 ]

وفيه قول رابع : وهو أن يحال بينه وبينها ، ويؤخذ بالنفقة عليها ، وتعمل له ما يعمل مثله ، فمتى أسلم خلي بينه وبينها ، وإن مات قبل يسلم عتقت بموته . هذا قول الشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور .

6674 - وروى محمد بن الحسن ، عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم أنه قال : إذا كانت أمة بين مسلم وذمي فجاءت بولد فادعياه جميعا فإنه ابن المسلم منهما .

وقال أبو حنيفة : يلحق ويثبت نسبه منه ، وتكون أم ولد له ويضمن نصف قيمتها لشريكه النصراني ونصف عقرها ، ويضمن النصراني نصف عقرها للمسلم . هذا قول أبي حنيفة وأبي ثور ومحمد . وقال أبو ثور : وإذا كانت أمة من أهل الذمة يهودية أو نصرانية أو مجوسية فهو سواء ، وكانت بين مسلم وذمي فجاءت بولد ، فالقول فيه كما قلنا في المسألة التي قبل إذا [ادعياه ] ، وقال أصحاب الرأي : يكون ابن المسلم ، وكذلك قالوا : لو كان للمسلم فيها عشر ولكافر تسعة أعشار ، وكذلك لو كان المسلم باع حصته من الكافر فجاءت بالولد لأقل من ستة أشهر من يوم باع ، وكذلك لو كان الكافر هو باع حصته من المسلم ثم ادعياه جميعا فإنه ابن المسلم ، وينتقض البيع ويضمن المسلم حصة الكافر من قيمة الأم ومن عقرها ويرجع بالثمن إن كان نقده .

وقال أبو ثور : ولو كانت أمة بين رجلين مسلمين فعلقت ، ثم باع [ ص: 214 ] أحدهما حصته من الآخر ، ثم وضعته بعد البيع لأقل من ستة أشهر فادعياه جميعا ، وقد كانا أقرا بالوطء قبل البيع ، فإنه يرى القافة فبأي الرجلين ألحق لحق ، وكان القول فيه على ما وصفنا في أول المسألة ، فإن ألحقوه بهما (جميعا) فهو ابنهما ، ولا يكون لواحد منهما على صاحبه شيء ، فإذا ماتا فهي حرة ، وليس لواحد منهما أن يطأها ، وينتقض البيع ، ورد الذي قبض الثمن على صاحبه الذي اشترى منه ، ويرثهما ويرثانه ، ويكون ولدهما حيين كانا أو ميتين . وقال أصحاب الرأي : يكون ابنهما يرثهما ويرثانه ، وهو للباقي منهما وينتقض البيع ، ويرد البائع ما قبض من الثمن .

قال أبو بكر : وإذا كانت أمة بين نصراني ويهودي ومجوسي فولدت فادعوا الولد جميعا ، فإن كانوا يعذرون بالجهالة أري الولد القافة . في قول أبي ثور ، وكان الجواب فيه على مذهبه على ما وصفنا من قوله ، فإن ألحقوه بهم جميعا كان لهم جميعا ، وإن ألحقوه بواحد منهم كان ابنه وكان عليه ثلثي قيمة الأم ، وثلثي عقرها ، وثلثي قيمة ولدها ، وكان له على شريكيه ثلث عقرها ، وكان الحكم فيه على ما وصفنا في المسألة قبلها .

وقال أصحاب الرأي : يكون ابن اليهودي والنصراني ، ولا دعوة للمجوسي مع أهل الكتاب . وإن كانت أمة مجوسية فهو على دين الأبوين ، فإذا مات أحدهما فهو على دين الباقي منهما . وقال أبو ثور : وإذا كان ذمي ومسلم كان الحكم فيها كما وصفت . [ ص: 215 ]

وقال أبو ثور : إذا كانت أمة لذمي فباع نصفها من مسلم فجاءت بولد لأقل من ستة أشهر منذ باع نصفها ، فادعياه جميعا ، فإن كان الذمي قد أقر بوطئها قبل البيع ، فإن الولد ولده ، ويفسخ البيع ، ويرد الثمن على المشتري إن كان قبضه ، وتكون أم ولد للذمي ، ويلحق به النسب .

وإذا كانت أمة بين رجل وامرأة فجاءت بولد فادعاه الرجل وادعاه أبو المرأة ، فإن نسبه يثبت من المالك ، ويضمن قيمتها ونصف عقرها ، ونصف قيمة الولد للمرأة ، وتكون أم ولد له وتبطل دعوة أبي المرأة ، وذلك أنه ليس بمالك، وكذلك لو ماتت المرأة صغيرة في حجر أبيها كان هكذا .

وقال أصحاب الرأي كذلك ، إلا أنه لا يضمن نصف قيمة الولد .

وقال أبو ثور : وإذا كانت أمة بين رجلين ، فجاءت بولد فقال كل واحد منهما لصاحبه : هذا ابنك ، فإنه لا يكون ابن واحد منهما وهو حر ولا رق عليه ، والأمة أم ولد موقوفة لا يملكها واحد منهما ، وإذا مات أحدهما فهي حرة ، وذلك أنهما جميعا قد زعما أنها أم ولد لأحدهما ، ولكن يستحلف كل واحد منهما لصاحبه على ما ادعى عليه ، وذلك أنه في قوله ابنك يدعي أن له عليه نصف قيمتها ونصف عقرها ونصف قيمة ولدها ، فإن حلفا فأمرهما على ما وصفنا ، فإن نكل أحدهما حلف الآخر ، وكان على الذي نكل نصف قيمتها ونصف عقرها ونصف قيمة ولدها وكانت أم ولد له وكان الولد ولده . [ ص: 216 ]

وقال أصحاب الرأي : لا يكون ابن واحد منهما وهو حر ، وأمه بمنزلة أم ولد موقوفة لا يملكها واحد منهما فأيهما مات عتقت .

قال أبو بكر : وإذا كانت مدبرة بين رجلين مسلمين أو كافرين أو كافر ومسلم ، أو مرتد ومسلم ، فجاءت بولد ، فادعاه أحدهما وكان يعذر بالجهالة ، فإنه ابنه وهو ضامن لنصف قيمتها ، ونصف عقرها ، ونصف قيمة ولدها ، ويبطل التدبير ، وذلك أن المدبرة بمنزلة الأمة في جميع أحوالها . وهذا قول أبي ثور .

وقال أصحاب الرأي : يكون ابنه وهو ضامن لنصف قيمة الولد مدبرا ، ولنصف العقر ، وولاء الولد بينهما وولاء الأم حصة أبي الولد منهما بمنزلة حصة أم الولد وحصة الآخر مدبرة .

وقال أبو ثور : وإذا كانت أمة بين رجلين مسلمين أو كافرين أو مسلم وكافر ، فولدت ولدا فادعاه أحدهما فهو ابنه ، فإن ولدت بعد ذلك ولدا لستة أشهر ، فادعاه الآخر فإنه ابنه ، وتكون أم ولد الأول ، ويكون عليه نصف قيمتها ونصف عقرها ونصف قيمة ولدها لشريكه ، وتبطل الكتابة ويكون على الآخر قيمة الولد كله لشريكه وعقر مثلها .

وقال أصحاب الرأي : الولدان حران ويثبت نسبهما من الذين ادعياهما ، وعلى كل واحد منهما العقر للأمة تستعين به في كتابتها ، فإن أدت عتقت وكان الولاء بينهما ، وإن عجزت فهي أم ولد للأول دون الآخر . وهذا قول أبي حنيفة . [ ص: 217 ]

وقال أبو ثور : وإذا كانت أمة بين رجلين فولدت فادعى أحدهما الولد في مرضه الذي مات فيه فهو جائز ويكون ولده ، وعليه كما قلنا في المسائل قبلها ، وتعتق إذا مات من جميع المال ، وكذلك قال أصحاب الرأي إلا في نصف قيمة الولد .

وقال أبو ثور : وإذا كانت أمة بين رجلين فجاءت بولد ، فادعياه جميعا ، فإنه يرى القافة فأيهما ألحق به لحق ، وإن ألحق بهما جميعا فهو منهما يرثهما ويرثانه ، وقد بينا ذلك في غير موضع .

وقال النعمان وصاحباه : هو ابنهما يرثهما ويرثانه .

قال أبو بكر : وإذا كانت جارية بين رجل وابنه فولدت ولدا ، فادعياه جميعا ، فإنه يرى القافة ، فإن ألحقوه بهما جميعا فهو ابنهما ، وإن ألحقوه بأحدهما فهو ابنه . وهذا قول أبي ثور . وقال : الحكم فيه كما ذكرناه في المسائل قبلها .

وقال أصحاب الرأي : نجعله ابن الأب نستحسن ذلك وأضمنه نصف قيمتها ونصف العقر ، وأضمن الابن أيضا نصف العقر فيكون كصاحبه ، وإذا كانت أمة بين رجلين أخوين أو رجل وعمه أو رجل وخاله فجاءت بولد ، فادعياه جميعا أري القافة ، وهذا على قول الشافعي وأبي ثور ، وبه نقول .

وقال أصحاب الرأي كما قالوا ، وكذلك كل ذي رحم محرم ، [ ص: 218 ] أو غيره ما خلا الأب ، والجد من قبل الأب إذا كان الأب ميتا ، فإنا نستحسن في هذا أن نجعله للجد إن كان ، وإن كان الأب مسلما والأم من أهل الكتاب ، زوجة كانت أو أم ولد ، أو كانا كافرين جميعا فأسلم أحدهما الأب أو الأم والولد صغير ، فإن الولد يكون على دين المسلم أيهما كان .

وقال أبو ثور : إذا أسلم أحد الأبوين والولد صغير فإنه يكون على دين الأب ، وهذا على قول مالك . وفي قول الشافعي والكوفي : يكون الولد على دين أيهما أسلم . وإن كان الوالدان مجوسيين فتهود أحدهما أو تنصر ، فالولد في قول الكوفي يكون على دين الكتابي ، وفي قول أبي ثور : الولد يكون على دين الأب على أي دين كان .

وقال أبو ثور : وإذا كانت الجارية بين رجلين فولدت ولدا ، فادعياه جميعا أري القافة ، وأن القول فيه كما وصفنا .

وقال أصحاب الرأي : هو ابنهما جميعا وهي أم ولدهما ، فإن ولدت آخر بعد ذلك لم يلزمه واحد منهما إلا أن يدعيه أحدهما فيلزمه ، فأيهما ادعاه لزمه ، وضمن لصاحبه نصف قيمته إن كان موسرا ، والأم أمة . في قول أبي يعقوب ومحمد، ولا يضمن في قول أبي حنيفة شيئا ، وإن ادعياه جميعا لزمهما . [ ص: 219 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية