ذكر
شهادة النساء في العتق والجراح وغير ذلك
واختلفوا في قبول شهادة النساء في العتق فقالت طائفة : لا تجوز شهادتهن في العتق ، كذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري ، وروينا ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، وأهل
المدينة ،
وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأصحابه . وأجاز
شريح شهادة النساء في العتق . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري يقول في شهادة النساء في العتاقة : لا تجوز إلا ومعهن رجل . وقال
أبو عبيد : وأهل
العراق يرون شهادة النساء جائزة في النكاح ، والعتاق ، والطلاق ، وكل شيء إذا كان معهن رجل ، سوى الحدود والقصاص . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
وأبو هاشم يقولان : لا تجوز شهادة النساء في قتل عمد . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري : لا تجوز شهادة المرأتين مع الرجل في قتل ، ولا في النكاح ، ولا في طلاق ، ولا في الحدود ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : تجوز شهادتهن فيما كان من الجراحات خطأ ، وما كان من عمد فلا تجوز شهادتهن .
[ ص: 324 ]
وقول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي كقول
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي في أن كل ما كان مالا فإن شهادة المرأتين مع رجل مقبولة ، وما كان من جراح عمد ، وقتل عمد فلا تجوز شهادة النساء فيه . وقد روينا عن
الحسن برواية أخرى : أنه كان لا يجيز شهادة النساء في الحدود ، ويجيزها فيما سوى ذلك . وسئل مالك عن شهادة المرأتين في الوكالة إذا كان معهن رجل قال : نعم إذا كان الذي يوكل به مالا .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وهذا غير جائز في قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك : أرى أن تجوز شهادة المرأتين في الدين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : [ويحلف] المدعى عليه ، ولا يحلف المدعي مع شهادة المرأتين . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي يقول : لا تجوز شهادة النساء على وصية إلا أن يكون معهن رجل هذا لا يجوز في قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي لا تثبت الوصية عنده بأقل من رجلين وهذا إذا كان على إثبات كتاب الوصية فإن
[ ص: 325 ] شهد رجل وامرأتان على أن فلانا أوصى لفلان بثلث ماله ، وجب قبول ذلك في قوله ، وهذه خلاف الأولى ، هذا يستحق به مال ، وليس كذلك إثبات كتاب الوصية .
وحدثني
علي ، عن
أبي عبيد أنه قال في : أجمعت العلماء على شهادتهن في الأموال فلا حظ لهن فيها ، وذلك لآيتين تأولوهما فيما نرى أما آية الحدود يقول الله - جل ثناؤه - : (
والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) فعلم أن الشهداء [ليس] يقع إلا على الذكور ، ثم أمضوا على هذا جميع الحدود من الزنا ، والسرقة ، والقذف ، وشرب الخمر .
قال
أبو عبيد : وكذلك القصاص كله في النفس وما دونها ، وأما آية الأموال : (
يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ) ، إلى قوله : (
فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ) ثم أمضوا على هذا جميع الحقوق ، والمواريث ، والوصايا ، والودائع ، والوكالات ، والديون ، فلما صاروا إلى النكاح ، والطلاق ، والعتاق ، لم يجدوا في هذه الحال تطابقا لولا ما وجدوا في تلك الآيتين فاختلفوا في التأويل فشبهها قوم بالأموال ، ثم أجازوا شهادة النساء فيها ، وقالوا : ليست بحدود ،
[ ص: 326 ] وإنما توجب المهور ، ونفقات النساء ، وأثمان الرقيق ، وأبى ذلك الآخرون ، ورأوها كلها حدودا; لأن بها يكون استحلال الفروج وتحريمها .
قال
أبو عبيد : وهذا القول الذي نختار; لأن تأويل القرآن يصدقه ، ألا تسمع قوله حين ذكر الطلاق ، والرجعة فقال : (
وأشهدوا ذوي عدل منكم ) . فخص بها الرجال ، ولم يجعل للنساء فيها حظا ، كما جعله في الدين لهن ، ثم أبين من ذلك أنه سماها حدودا فقال : (
تلك حدود الله فلا تعتدوها ) وكان هذا أكثر من التأويل ، فالأمر عندنا عليه : أن لا تجوز شهادة النساء في نكاح ولا طلاق ولا رجعة ، وكيف يقبل قولهن في هذه الخلال على غيرهن ، وهن لا يملكنها من أنفسهن ، ولم يجعل الله - جل وعز - إليهن عقد نكاح ولا ذكره ، ألا ترى أن الله - جل جلاله - خاطب الرجال بذلك دونهن فقال في الطلاق : (
يا أيها الذين آمنوا إذا نكحتم المؤمنات ) وقال في الرجعة : (
وبعولتهن أحق بردهن في ذلك ) وقال في النكاح : (
وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن ) فهذه الآية هي الأصل عندنا في نكاح الأولياء ، لأنه لو لم يكن لهم فيه حظ ، ما كان لنهيهم عن ذلك معنى ، ويروى في التفسير أن الآية نزلت في
معقل ابن يسار ، وكان منع أخته التزويج ، ثم أوضحته السنة ، وكذلك الآية الأخرى (
ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن ) ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=663390 "لا نكاح إلا بولي " .
[ ص: 327 ]
قال
أبو عبيد : والعتاق عندنا مثل ذلك كله ، لا تجوز فيه شهادتهن لما يدخل في ذلك من تحليل الفروج وتحريمها .
وقالت طائفة : لا تجوز شهادة النساء إلا في موضعين : في المال ، وحيث لا يرى الرجل من عورات النساء هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقد روينا عن مكحول أنه قال : لا تجوز شهادة النساء إلا في الدين . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري أنه قال : لا تجوز شهادة المرأة إلا في الاستهلال وأشباهه مما لا يحضره الرجال . وكان
شريح يجيز شهادة النساء على الاستهلال ، وما لا ينظر إليه الرجل . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور يقول : تجوز شهادة النساء في الحقوق من الديون ، والمواريث ، والهبة ، والصدقات وغير ذلك ، ولا تجوز في النكاح والطلاق . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي يقول : في شهادة النساء على أصل النكاح والمهر : إن كان شهادتهن وقعت على المهر مع عقدة النكاح فلا شهادة لهن ، وإن كن يشهدن مع رجل على اعترافه من بعد عقدة النكاح أنه تزوجها بكذا وكذا من المهر ولا أراها إلا جائزة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : والذي أقول به أن شهادة النساء جائزة في الديون والأموال ، ولا تجوز شهادتهن في شيء من ذلك إلا ومعهن رجل ، فإن انفردن فشهدن لرجل بمال ، وإن كثرن لم تجز شهادتهن إلا ومعهن رجل ، وتجوز شهادتهن فيما لا يطلع عليه الرجال من عورات النساء .
[ ص: 328 ]
وأجمع أهل العلم على أن شهادتهن غير جائزة في الحدود ، فلا تجوز شهادتهن في النكاح ، والطلاق ، والعتاق ، لأنا لم نجد دلالة توجب قبول شهادتهن في شيء من ذلك .