صفحة جزء
ذكر العدد من الإخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث

اختلف أهل العلم في العدد من الإخوة الذين يحجبون الأم عن الثلث : فقال عامة أهل العلم : إذا كان للميت اثنان من الإخوة فصاعدا ذكورا أو إناثا ، من أب وأم ، أو من أب ، أو من أم ، حجبا الأم عن الثلث ، وصار لها السدس ، روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، [ ص: 392 ] وعبد الله بن مسعود ، وزيد بن ثابت ، وبه قال مالك بن أنس ، ومن تبعه من أهل المدينة ، وسفيان الثوري ، وسائر أهل العراق ، والشافعي وأصحابه ، وكل من نحفظ عنه من أهل العلم غير ابن عباس ، فإنه قال : لا يحجب الأم عن الثلث إلا ثلاثة إخوة فصاعدا ، وروي أن ابن عباس دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا [يردان] الأم إلى السدس ، إنما قال الله : ( فإن كان له إخوة ) فالأخوان في لسان قومك ليسوا بإخوة فقال عثمان رضي الله عنه : لا أستطيع أنقض أمرا كان قبلي ، وتوارثه الناس ، ومضى في الأمصار .

6762 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال : أخبرنا ابن أبي فديك قال : أخبرني ابن أبي ذئب ، عن شعبة مولى ابن عباس ، عن ابن عباس : أنه دخل على عثمان فقال : إن الأخوين لا يردان الأم إلى السدس ، إنما قال الله - جل ذكره - : ( فإن كان له إخوة ) (فالأخوين) في لسان قومك (ليسوا) بإخوة . فقال عثمان رضي الله عنه : لا أستطيع أنقض أمرا قد كان قبلي ، وتوارثه الناس ، ومضى في الأمصار . [ ص: 393 ]

6763 - حدثنا موسى بن هارون قال : حدثنا محمد بن بكار قال : حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبي الزناد ، عن خارجة بن زيد ، عن أبيه ، أن معاني هذه الفرائض وأصولها عن زيد بن ثابت ، وأما التفسير فتفسير أبي الزناد على معاني زيد ، قال : وميراث الأم من ولدها إذا توفي ابنها وابنتها ، فترك ولدا أو ولد ابن ذكر وأنثى ، أو ترك اثنين من الإخوة فصاعدا ذكورا وإناثا من أب وأم ، أو من أب أو أم ، السدس .

6764 - حدثنا محمد قال : حدثنا أحمد بن عمرو قال : أخبرنا جرير ، عن المغيرة في فرائضه ، عن الشعبي وإبراهيم ، وعن غيرهما ، وعن فضيل ، وعن غيره ، عن إبراهيم في قول علي وعبد الله وزيد : إذا كان أخوان وأختان لأب ، أو لأم ، أو لأب وأم ، أو مختلفان ، حجبا الأم عن الثلث وصار لها السدس .

قال أبو بكر : وقد احتج بعض من يقول بقول عثمان وزيد بأن العرب قد تسمي الاثنين باسم الجماعة ، واحتج بقول الله : ( وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض ) قال : وإنما كانا ملكين دخلا على داود ، فدل على أن الاثنين قد يسميان باسم الجماعة ، وقال : ( إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما ) ولم يقل قلباكما ، وفي قصة داود وسليمان : [ ص: 394 ] ( وكنا لحكمهم شاهدين ) ولم يقل : لحكمهما .

وقد أجمع أهل العلم أن رجلا لو ترك أخاه وأخته ، أن المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين ، وحجتهم فيه قول الله - جل ذكره - : ( وإن كانوا إخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين ) ، وإنما قال الله : ( وإن كانوا إخوة ) وقال : ( فإن كان له إخوة فلأمه السدس ) فهما في ذكر الكتاب .

التالي السابق


الخدمات العلمية