ذكر حجج القائلين بقول
الصديق رضي الله عنه
قال الله - جل ذكره - : (
فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول ) ، فقال القائلون بقول
أبي بكر فرددنا حكم ما تنوزع فيه من
ميراث الجد إلى كتاب الله وسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله - تبارك وتعالى - في كتابه : (
ملة أبيكم إبراهيم ) فسمى الجد أبا ، وقال (
واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ) ،
[ ص: 443 ] وذكر عن يعقوب أنه قال لبنيه : (
ما تعبدون من بعدي قالوا نعبد إلهك وإله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ) ، وقال الله - جل ذكره - : (
يا بني إسرائيل ) ، فمن كان ابنا لآدم فآدم أبوه ، ومن كان ابنا لإسرائيل فإسرائيل أبوه ، واحتجوا بقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=653122 "يا بني إسماعيل ارموا فإن أباكم كان راميا " .
6832 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14613محمد بن إسماعيل قال : حدثنا
ابن قعنب قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15667حاتم بن إسماعيل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17349يزيد بن أبي عبيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=652684مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفر من أسلم ينتضلون ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا ، وأنا مع بني فلان" .
قال : فأمسك أحد الفريقين بأيديهم . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما لكم لا ترمون؟! " قالوا : يا رسول الله نرمي وأنت معهم! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "معكم كلكم " . 6833 - حدثنا
موسى قال : حدثنا
العباس بن الوليد بن نصر النرسي قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17360يزيد بن زريع ، عن
سعيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
الحسن ، عن
سمرة قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=666236قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "سام أبو العرب ، وحام أبو الحبش ، ويافث أبو الروم " .
[ ص: 444 ]
قالوا : ووجدناه أبا ووالدا في لغة العرب معروف ذلك عندهم ، ووجدنا
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسائر أهل العلم قد اتفقوا على أن حكم الجد حكم الأب في غير موضع . قال : فجعلنا الموضع الذي اختلفوا فيه قياسا على المواضع التي اجتمعوا فيها .
فمن ذلك إجماعهم على أن الإخوة من الأم لا يرثن مع ولد ولا والد .
وأجمعوا أن الجد يحجبهم عن الميراث كما حجبهم الأب . فلما أجمعوا أن الإخوة من الأب والأم [لا] يحجبون الإخوة من الأم عن الثلث ، وأن الجد يحجبهم ، فالقياس أن يحجب الإخوة من الأب والأم إذا كان أبا ، كما يحجب الإخوة من الأم .
وحجة أخرى : أجمعوا أن من ترك ابنا وأبا ، أن للأب السدس ، وما بقي فللابن .
وأجمعوا كذلك أن من ترك ابنا وجدا أن للجد السدس مع الابن كما كان للأب سواء .
وأجمعوا أن الرجل إذا مات وترك ابنا وأخا أن المال كله للابن
[ ص: 445 ] ولا شيء للأخ معه ، فحجبوا الأخ بالابن ، ولم يحجبوا به الجد بل أقاموه مقام الأب فأعطوه السدس ، كما أعطوا الأب ، فلو كان الجد كالأخ لوجب أن يحجبوه بالابن كما حجبوا الأخ ، فلما حجبوا الأخ بالابن وأقاموا الجد مقام الأب وجعلوه في الحجب والميراث مقامه ثبت أنه بمنزلة الأب لا بمنزلة الأخ .
وأجمعوا أن الجد يضرب مع أصحاب الفرائض بالسدس كما يضرب الأب وإن عالت الفريضة .
فقالوا في رجل ترك امرأته وأبويه وابنتيه . أن المال مقسوم بينهم على سبعة وعشرين سهما : للمرأة من ذلك ثلاثة أسهم ، وللأبوين ثمانية ، وللابنتين ستة عشر ، ولو كان بدل الأب جد ، كانت الفريضة على حالها ، وقام الجد مقام الأب يضرب بالسدس معهم كما يضرب به الأب ، ولو كان بدل الجد أخ ، لكانت الفريضة من أربعة وعشرين سهما : للمرأة الثمن ثلاثة ، وللأم السدس أربعة ، وللبنتين الثلثان ستة عشر ، وما بقي وهو سهم فللأخ ، لأنه عصبة فأنزلوا الأخ بمنزلة العصبة جعلوا له ما فضل ، كما لو كان مكانه ابن أخ أو ابن عم لأخذ السهم الباقي كما أخذه الأخ ، لأنه عصبة ، وأنزلوا الجد منزلة الأب ففرضوا له السدس تحاص به أهل الفرائض كما فعلوا بالأب .
وحجة رابعة : أجمع أهل العلم أن ابن الابن بمنزلة الابن يحجب الزوج عن النصف ، والمرأة عن الربع ، والأم عن الثلث كما يحجبهم الابن
[ ص: 446 ] ، ويحجب الإخوة كما يحجبهم الابن . فلو أن رجلا ترك أبويه ، وابن ابنه كان لأبويه السدسان وما بقي فلابن ابنه ، فحجب ابن الابن أبوي الجد كما كان يحجبهما الابن ، وقد قال الله : (
ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد فإن لم يكن له ولد وورثه أبواه فلأمه الثلث ) ، فجعلوا ابن الابن ولدا حجبوا به أبوي الجد ، حجبوا به الأم عن الثلث ، والأب عن الثلثين فردوهما إلى السدس ، ومن المحال أن يكون لي ولد وأنا لا أكون له والد ، فإذا كان هو للجد ولدا يحجب أبويه ، فكذلك الجد هو له والد يحجب إخوته لا يجوز في النظر غير ذلك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ألا يتقي الله
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت! لئن شاء لأباهلنه عند الحجر ، فجعل ولد الولد بمنزلة الولد إذا لم يكن دونه ولد ، ولا يجعل الجد بمنزلة الأب .
وحجة خامسة : أجمع أهل العلم على أن رجلا لو ترك أبا جده ، وابن جده وهم عمومته ، أن المال لأبي جده دون عمومته وهم بنو جده ، فكذلك سبيل جده الأدنى إذا كان أبا أبيه مع إخوته لأبيه وأمه ، أو لأبيه إذا كانوا بني أبيه ، يكون الجد أبو الأب أولى بالميراث من الإخوة وهم بنو الأب ، كما كان أبو الجد أولى بالميراث من بني الجد ، فهذا التمثيل الصحيح المردود إلى ما أجمعوا عليه .
[ ص: 447 ]