صفحة جزء
ذكر ميراث ابن الملاعنة

ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فرق بين المتلاعنين وألحق الولد بالمرأة . [ ص: 457 ]

6851 - أخبرنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أن ابن وهب أخبرهم ، وأخبرنا الربيع قال : أخبرنا الشافعي قال : أخبرنا مالك ، عن نافع ، عن ابن عمر ، أن رجلا لاعن امرأته في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وانتفى من ولدها ، ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما ، وألحق الولد بالمرأة .

6852 - حدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا ابن جريج قال : أخبرني ابن شهاب عن الملاعنة ، وعن السنة فيها ، (عن) حديث سهل بن سعد أخي بني ساعدة ، أن رجلا من الأنصار جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا (أيقتله) فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فأنزل الله في شأنه ما ذكر في القرآن من أمر المتلاعنين . فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قد قضى الله فيك وفي امرأتك " . قال : فتلاعنا في المسجد وأنا شاهد ، فلما فرغا قال : كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها ، فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغا من التلاعن ، ففارقها عند النبي صلى الله عليه وسلم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "ذلك التفريق بين كل متلاعنين " .

قال ابن شهاب : فكانت السنة بعد أن يفرق بين المتلاعنين . ، وكانت حاملا فأنكره ، وكان ابنها يدعى لأمه . [ ص: 458 ]

قال أبو بكر : لما ألحق النبي صلى الله عليه وسلم ابن الملاعنة بأمه ، ونفاه عن أبيه ثبت ألا عصبة له ولا وارث من قبل أبيه . وأجمع أهل العلم أن ابن الملاعنة إذا توفي وخلف أمه وزوجته ، وأولادا ذكورا وإناثا أن ماله مقسوم بينهم على قدر مواريثهم ، فإن ترك ورثة يستحقون بعض المال ولا يستوعبون جميع المال ففي ذلك اختلاف .

فقالت طائفة : يكون ما فضل عن أصحاب الفرائض لعصبة أمه . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وعبد الله بن مسعود ، وابن عمر ، وابن عباس ، وعطاء ، والنخعي ، والحسن ، وقال الشعبي : يرثه أقرب الناس إلى أمه ، وقال الحكم ، وحماد : يرثه من يرث أمه .

6853 - حدثني أبو بكر بن إسماعيل قال : حدثنا زياد بن أيوب قال : حدثنا محمد بن ربيعة ، عن ابن أبي ليلى ، عن الشعبي ، عن علي ، وعبد الله قالا : ابن الملاعنة عصبته عصبة أمه .

6854 - حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا يزيد بن هارون ، عن محمد بن سالم ، عن الشعبي ، عن علي وابن مسعود قالا : ولد الملاعنة أمه عصبة ، فإن لم يكن له أم فعصبتها عصبته ، وولد الزنا بمنزلته . [ ص: 459 ]

6855 - حدثنا موسى قال : حدثنا أبو بكر قال : حدثنا وكيع قال : حدثنا موسى بن عبيدة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : ابن الملاعنة عصبته عصبة أمه يرثهم ويرثونه .

6856 - حدثنا يحيى بن محمد قال : حدثنا أبو عمر قال : حدثنا همام قال : نا قتادة ، عن [عزرة] ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : ولد الملاعنة هو الذي لا أب له ترثه أمه ، ويرثه إخوته من أمه ، ويرثه عصبة أمه ، وإن قذفه قاذف جلد قاذفه .

وقال سفيان الثوري : إذا ترك ابنته ، وخالته ، ليس للخالة شيء ، ما بقي عن البنت لعصبة أمه .

وقال أحمد بن حنبل : يرثه عصبته ، وعصبته أمه .

وقالت طائفة : يقسم ماله بين أصحاب الفرائض ، فإن فضل من ذلك فضل كان ذلك لأمه . [ ص: 460 ]

روي ذلك عن ابن مسعود أنه قال : الأم عصبة من لا عصبة له . وعن ابن عمر أنه قال : أمه عصبته يرثها وترثه .

6857 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن موسى بن عبيدة ، عن نافع ، عن ابن عمر قال : ابن الملاعنة يدعى لأمه ، وأمه عصبته يرثها وترثه ، قال سفيان : يقول المال كله .

6858 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن قتادة ، أن ابن مسعود قال : ميراث ولد الملاعنة كله لأمه .

6859 - ومن حديث يحيى بن عبد الله قال : أخبرنا جرير ، عن منصور ، عن إبراهيم ، عن علقمة ، عن عبد الله بن مسعود قال : الأم عصبة من لا عصبة له .

وروينا عن مكحول أنه قال : ابن الملاعنة ترث أمه ميراثه كله . وعن الشعبي : يرث ابن الملاعنة أمه فإذا [مات] ورثه من كان يرث أمه .

وقالت طائفة : إن كانت أمه مولاة كان ما بقي لمواليها ، وإن كانت عربية كان ما بقي لبيت المال . هذا قول الزهري ، وبه قال مالك ، والشافعي ، وأبو ثور . قال مالك : وذلك الأمر الذي لا اختلاف فيه ، والذي أدركت عليه أهل العلم ببلدنا . [ ص: 461 ]

وروي عن زيد بن ثابت أنه قال : لأمه الثلث ، ولأخيه السدس ، وما بقي فلبيت المال .

قال أصحاب الرأي : ميراث ابن الملاعنة كميراث غيره ممن يموت ولا عصبة له من قبل أبيه ولا قرابة ، فإن مات وترك أصحاب فرائض وقرابات من قبل أمه قال : فيعطى أصحاب الفرائض فرائضهم ، ويرد ما فضل عنهم عليهم على قدر سهامهم إذا كانوا من ذوي الأرحام . قالوا : فإن لم يترك ابن الملاعنة وارثا ذا سهم ، وترك قرابات من قبل أمه ليسوا أصحاب فرائض ، فإنهم يورثون كما يورث ذوو الأرحام في غير باب ابن الملاعنة ، ولا يكون عصبة أمه عصبة له; لأن العصبات إنما هو من قبل الأب لا من قبل الأم .

التالي السابق


الخدمات العلمية