صفحة جزء
ذكر ميراث الخنثى

أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الخنثى يورث من حيث يبول ، إن بال من حيث يبول الرجل ورث ميراث رجل ، وإن بال من حيث تبول المرأة ورث ميراث امرأة .

وممن روي عنه أنه قال : الخنثى يورث من حيث يبول : علي بن أبي طالب ، ومعاوية بن أبي سفيان ، وجابر بن زيد ، وسعيد بن المسيب ، وبه قال أهل الكوفة ، وسائر أهل العلم ، ولا أحفظ عن مالك في أمر الخنثى شيئا ، بل زعم ابن القاسم أنه هاب أن يسأل مالكا عنها .

6893 - حدثنا علي بن الحسن قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، وحدثنا إسحاق قال : أخبرنا عبد الرزاق قال : أخبرنا الثوري ، عن مغيرة ، عن الشعبي ، عن علي ، أنه ورث خنثى من حيث يبول .

6894 - وحدثنا محمد بن علي قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا حجاج قال : وحدثني شيخ من بني فزارة قال : سمعت عليا يقول : الحمد لله الذي جعل عدونا يسألنا عما نزل به من أمر دينه ، إن معاوية كتب إلي يسألني عن الخنثى فكتبت إليه أن يورثه من قبل مباله . [ ص: 494 ]

6895 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا ابن الأصبهاني قال : ثنا شريك ، عن الحسن بن كثير ، عن علي ، عن أبيه ، عن علي أنه كان يورث الخنثى من مباله .

6896 - حدثنا محمد بن علي قال : حدثنا سعيد قال : حدثنا هشيم قال : أخبرنا مجالد ، عن الشعبي قال : أتي معاوية في الخنثى فسأل من قبله ، فأمر أن يورثه من قبل مباله .

واختلفوا في الخنثى يبول من حيث يبول الرجل ، ومن حيث تبول المرأة .

فقالت طائفة : يورث من حيث يسبق البول ، كذلك قال سعيد بن المسيب وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وحكي ذلك عن أصحاب الرأي .

وقالت طائفة : من أيهما خرج أكثر ورث به ، حكي هذا القول عن الأوزاعي ويعقوب وابن الحسن ، وقال النعمان : إذا خرج منهما معا فهو مشكل ، ولا أنظر إلى أيهما أكثر (وروي عنه أنه وقف فيه إذا كان هكذا وقال : لا علم لي به) ، وحكي عنه أنه قال : إذا كان يبول من حيث يبول الرجل ، ويحيض كما تحيض المرأة ، ورث من حيث يبول ، [ ص: 495 ] لأن في الأثر يورث من مباله ، قال يحيى بن آدم : وهو عندنا كما قال ، وفي قول الشافعي : إذا خرج منهما جميعا لم يسبق أحدهما الآخر يكون مشكلا ، ويعطى من الميراث ميراث أنثى ، ويوقف الباقي بينه وبين سائر الورثة حتى يتبين أمره أو يصطلحوا ، وبه قال أبو ثور ، وحكاه عن الشافعي .

قال أبو بكر : وقد اختلف أهل العلم في حكمه إذا أشكل .

فقالت طائفة : يورث نصف ميراث الذكر ، ونصف ميراث الأنثى ، روي هذا القول عن الشعبي ، وبه قال الأوزاعي ، وحكي ذلك عن سفيان الثوري ، وحكى إسحاق ، عن يحيى بن آدم أنه قال : والذي كنا نقول على قياس قول الشعبي من اثني عشر سهما ، للذكر سبعة ، وللخنثى خمسة; لأن النصف للذكر لا شك فيه ، والثلث للخنثى لا شك فيه ، ويبقى السدس فهو في حال للذكر ، وفي حال للأنثى ، فلا يدرى لأيهما هو ، فهو بينهما نصفان ، وأحسب أن هذا قول أصحاب الرأي والله أعلم .

وحكى أبو ثور عن الشافعي في هذه المسألة أنه قال : للذكر النصف ، وللخنثى الثلث ، ويوقف السدس عليهما حتى يتبين أو يموت ، وبه قال أبو ثور ، وكان الشافعي يقول : لا يجوز أن ينكح إلا من حيث يبول ، أو أن يكون مشكلا ، فإذا كان مشكلا فله أن ينكح بأيهما شاء ، فإذا نكح بواحد ، لم يكن له أن ينكح بالآخر ، ويرث ويورث من حيث يبول . [ ص: 496 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية