ذكر
العتق في دار الحرب
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وإذا أعتق الرجل من أهل الحرب وهو كافر عبدا له في دار الحرب ، ثم إن عبده أسر ، فاشتراه رجل من المسلمين في دار الإسلام فأعتقه ، فقال بعض أصحابنا : تحتمل هذه المسألة ثلاثة أجوبة : أحدها : أن الولاء للمعتق الأول; لأن ولاءه ثبت له في وقت ما أعتقه ، فلا ينتقل عنه أبدا .
والجواب الثاني : أن يكون الولاء للمعتق الآخر الذي أعتقه في دار الإسلام . هذا قول أصحاب الرأي قالوا : لأنه قد سبي وجرى عليه
[ ص: 535 ] الرق بعد ذلك فبطل العتق الأول .
والجواب الثالث : أن كل واحد منهما معتق ثابت العتق ، وقد حكم النبي صلى الله عليه وسلم بالولاء لمن أعتق ، فليس واحد منهما بأحق بأن يحكم له بالولاء من الآخر ، فولاؤه لهما جميعا ، فإن أسلم المعتق له في دار الحرب وأسلم المعتق ثم مات وخلف أحد مواليه الأول أو الثاني ، ولا وارث له غيره فميراثه له ، وإن كانا جميعا حيين فميراثه بينهما ليس واحد منهما بأحق من الآخر . قال : وهذا أصح هذه الأجوبة وبه أقول .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : ولو أن عبدا أسلم في دار الحرب ثم خرج مسلما إلى دار الإسلام فهو حر ، وهو بمنزلة حر من أهل دار الحرب جاء مسلما ، فميراثه إن مات للمسلمين ، وليس هو مولى لأحد دون أحد ، وليس له أن يوالي أحدا ، في قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
ومالك ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
وأحمد .
وقال
أصحاب الرأي : هو حر وله أن يوالي من شاء ، وهو بمنزلة حر من أهل الحرب جاء مسلما ، فله أن يوالي من شاء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وقد روي
nindex.php?page=hadith&LINKID=682703أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين .
6951 - حدثنا
يحيى قال : حدثنا
مسدد ، قال : حدثنا
أبو معاوية ، عن
الحجاج ، عن
الحكم ، عن
مقسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=682703أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين .
[ ص: 536 ]
وقيل
للأوزاعي : إذا خرج عبد إلى المسلمين في دار الحرب فجاءهم في عسكرهم ، أو خرج من دار الحرب إلى دار الإسلام فأخذ أمانا فأسلم . قال : فهو حر وولاؤه للمسلمين . قيل
لأبي عمرو : فإن خرج مولاه بعد فأسلم . قال : فلا يرد إليه ولاؤه أبدا . قيل
لأبي عمرو : فعبد خرج إلينا مستأمنا فأعطاه الإمام الأمان فأقام عندنا . قال : يوضع عليه الجزية إذا لم يشترط رجعة . قلت : فإن جاء مولاه بعد فأسلم أو أعطى الجزية فسأل أن يرد إليه . قال : لا يرد إليه وهو على ذمته .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : لا يرد إليه وولاؤه للمسلمين ، فإن جاء السيد فأسلم ، ثم جاء العبد فأسلم رد إلى سيده .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي مثل ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وإذا خرج الرجل من أهل دار الحرب إلينا واشترى عبدا فأعتقه ، ثم رجع المولى المعتق إلى دار الحرب فأسر واسترق ، فإنه عبد لمن اشتراه ، أو صار إليه والمعتق الذي أعتقه مولى له ، ولكن
[ ص: 537 ] لا يرثه ما دام عبدا وميراثه لبيت المال .
واختلفوا في عقله : فقال
أصحاب الرأي : عقله على نفسه لا يعقل عنه بيت المال; لأن عقله معروف .
وقال غيرهم : عقله على بيت المال كما أن ميراثه لهم .
وقال آخر : لا يعقل عنه بيت المال وليس عليه أن يعقل عن نفسه; لأن الدية إنما تجب على العاقلة ، فإذا لم تكن عاقلة بطلت الدية .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : ولو أن هذا المولى الذي أسر اشتراه مولاه الذي كان أعتقه صار عبدا له ، والولاء على حاله ، فإن هو أعتقه صار كل واحد منهما مولى صاحبه; لأن كل واحد منهما معتق لصاحبه ، فأيهما مات ولا وارث له غيره ، ورثه إذا كانا مسلمين ، وإذا أعتق الرجل من أهل دار الحرب عبدا ، فالعتق جائز وله ولاؤه . فإن أسلم عبده الذي أعتقه بعدما أعتقه وخرج إلى دار الإسلام فهو مولى له على حاله غير أنهما لا يتوارثان لأن الكافر لا يرث المسلم . فإن أسلم مولاه وخرج إلى دار الإسلام مسلما ، ثم مات المعتق ولا وارث له غيره ورثه .
وفي قول
أصحاب الرأي : لا يكون مولى له; لأن العتق - قالوا - في دار الحرب باطل .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : فإن بطل العتق وجب أن يكون عبدا كما كان ، وإن كان صار حرا ، له أن يوالي من شاء فالولاء للمعتق ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=650436 "الولاء لمن أعتق " ولا حجة مع من أبطل
العتق في دار الحرب .
[ ص: 538 ]