صفحة جزء
ذكر من [يرث] ولاء من أعتقت المرأة بعد وفاتها

اختلف أهل العلم في المرأة تعتق عبدا ثم تموت المعتقة فتخلف ولدا ذكورا وإناثا وعصبة من قبل ابنها ، ثم يموت مولاها الذي أعتقته ولا وارث له غير هؤلاء : فقالت طائفة : ماله لعصبتها دون ولدها ، لأنهم الذين يعقلون عنها وعن مواليها فكما يعقلون عنها كذلك يرثون مواليها .

واحتج بعضهم بما روي عن علي حين خاصم الزبير في موالي صفية فرأى أنه أحق بولائهم من الزبير ، لأنه عصبتها والزبير ابنها .

وفيه قول ثان : وهو أن ذكور ولد المرأة المعتقة أحق بولاء الموالي وميراثهم من عصبتها ، روي عن عمر بن الخطاب أنه قضى بالولاء للزبير وولده حتى يفنوا والعقل على علي .

6956 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : ثنا حجاج قال : ثنا حماد ، عن حماد ، عن إبراهيم "أن صفية بنت عبد المطلب ماتت وتركت مولى لها ، فاختصم فيه علي بن أبي طالب والزبير بن العوام إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقضى عمر بالولاء للزبير وولده حتى يفنوا ، والعقل على علي " . [ ص: 542 ]

وهذا قول الشعبي والزهري ، وقتادة .

وبه قال مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والأوزاعي ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق ، وأبو حنيفة ، وأبو يوسف ، ومحمد .

وفي قول الزهري وقتادة : يكون الولاء لولدها فإذا انقرضوا كان الولاء لعصبة أمهم . وكذلك قال سفيان الثوري ، ومالك ، وأحمد ، وإسحاق ، وأصحاب الرأي .

وفيه قول ثالث : وهو أن ولاء مواليها يكون لولدها الذكور وبني بنيها ، فإذا انقرضوا لم يرجع الولاء إلى عصبة المرأة ، ولكنه يكون لعصبة ولدها الذين ورثوا ولاءها; لأن ولدها قد أحرزوا ولاءها كما أحرزوا ميراثها . واحتج قائل هذا القول بحديث روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما أحرز الولد أو الوالد فهو لعصبته من كان و (يسبى) " . [ ص: 543 ]

وروي عن علي أنه قال : "الولاء شعبة من الرق ، ومن أحرز الولاء أحرز الميراث " .

6957 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن عمران بن مسلم ، عن عبد الله بن معقل ، عن علي قال : "الولاء شعبة من الرق ، ومن أحرز الولاء أحرز الميراث " .

وروي عن شريح أنه كان يقول : يجري مجرى الأموال لا يرجع .

وكان الثوري يقول : إذا انقرض ولدها رجع الولاء إلى عصبة المرأة .

وفيه قول رابع : روي عن الشعبي أنه قال : إذا ماتت المرأة وتركت موالي فالميراث لولدها والعقل عليهم .

وكان ابن أبي ليلى يقضي به . [ ص: 544 ]

قال أبو بكر : وقول عامة أهل العلم أن ولاء الموالي الذكور [لولدها] والعقل على عصبتها .

وقد أجمعوا على أن الرجل يرثه أخواته ، وإن جنى جناية كان العقل على العصبة دون من ورثه ، وفي المعتقة نفسها بيان ذلك ، وذلك أن مولاها لو مات ورثته ، ولو جنى المولى جناية كان على عصبتها دونها .

التالي السابق


الخدمات العلمية