صفحة جزء
ذكر إثبات نجاسة البول والتنزه منه، وإيجاب تطهير البدن منه

684 - حدثنا محمد بن عبد الوهاب، أنا يعلى بن عبيد، نا الأعمش، عن زيد بن وهب، عن عبد الرحمن بن حسنة قال: " كنت أنا وعمرو بن العاص جالسين، فخرج علينا النبي صلى الله عليه وسلم في يده، ورقة فبال وهو جالس، فتكلمنا بيننا شيئا، فقلنا: يبول كما تبول المرأة فأتانا، فقال: "أو ما تدرون ما لقي صاحب بني إسرائيل كان إذا أصابهم بول قرضوه فنهاهم فعذب في قبره" .

685 - حدثنا أبو ميسرة، نا ابن نمير، نا وكيع، نا الأعمش قال: سمعت مجاهدا يحدث، عن طاوس، عن ابن عباس قال: " مر النبي صلى الله عليه وسلم على قبرين فقال: "إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان يمشي بالنميمة، وأما الآخر فكان لا يستبرئ من بوله" .

686 - حدثنا أبو ميسرة، نا الحسن بن مدرك الطحان، نا يحيى بن حماد، نا أبو عوانة، عن الأعمش، عن أبي صالح، عن أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أكثر عذاب القبر في البول" . [ ص: 262 ]

قال أبو بكر: دلت الأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم على نجاسة البول، وبه يقول عوام أهل العلم: منهم مالك، وأهل المدينة، وسفيان، وأهل العراق من أصحاب الرأي، وغيرهم، والشافعي، وأصحابه، وبه قال كل من حفظنا عنه من أهل العلم.

وقد اختلفوا في البول اليسير مثل رؤوس الإبر يصيب الثوب، فقالت طائفة: يجب غسل قليل ذلك، وكثيره، وهذا قول مالك فيما حكاه ابن القاسم قال: قول مالك: يغسل قليل البول، وكثيره، وهو قول الشافعي، وأبي ثور .

وكان النعمان يقول في البول ينتضح على الثوب مثل رؤوس الإبر [ ص: 263 ] قال: ليس هذا بشيء، يعقوب عنه. وفي كتاب محمد بن الحسن فيمن ينضح عليه مثل رؤوس الإبر، واستيقن أنه بول قال: ليس عليه غسله ألا ترى أن الرجل يدخل المخرج فيقع الذباب على العذرة والبول، ثم يقعن عليه وعليه ثيابه، فلا يجب عليه في ذلك غسل.

قال أبو بكر: قد أغفل هذا القائل حيث جمع بين شيئين متباينين، وذلك أن البول الذي يرشش عليه قد استيقن بوصوله إلى ثوبه، وأرجل الذباب رقاق قد يجف فيما بين البول، ووصولها إلى ثوب الإنسان، وقد لا يجف فهذا باب شك، فما وصل إلى ثوبه مما يرشش عليه يجب غسله، وما هو في شك من وصوله إلى ثوبه فليس عليه غسله؛ لأن الثوب طاهر بيقين، وهو في شك من وصول النجاسة إليه في هذه الحال.

وقد حكي عن الدارمي، عن أبي نعيم أنه قيل لمسعر: إن أبا يوسف يقول: لا بأس بالبول إذا كان مثل عين الجراد، ورؤوس الإبر، فجعل يستحسنه.

التالي السابق


الخدمات العلمية