ذكر تطهير الخفاف والنعال من النجاسات
اختلف أهل العلم في
الرجل يطأ بنعله أو خفه القذر الرطب، فقالت طائفة: يجزئه أن يمسح ذلك بالتراب ويصلي فيه، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، وفرق بين أن يطأ بقدميه أو بخفه ونعله، فقال في الخف والنعل: التراب لهما طهور، وقال في القدمين: لا يجزئ إلا غسلهما في الماء.
وقال
أحمد في السيف يصيبه الدم: يمسحه الرجل، وهو حار يصلي فيه إذا لم يبق فيه أثر، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14282إسحاق يقول في الأقذار: جائز مسحها بالأرض إلا أن تكون غائطا أو بولا.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11956أبو ثور في الخف، والنعل: إذا مسحه بالأرض، حتى لا يجد له ريحا، ولا أثرا: رجوت أن يجزئه، والغسل أحب إلي.
وكان النخعي يمسح النعل أو الخف يكون فيه السرقين عند باب المسجد فيصلي بالقوم. وهكذا قال
عروة في النعل يصيبها الروث يمسحها ويصلي فيها.
[ ص: 292 ]
وقال
سفيان في رجل توضأ، ثم انغمست رجله في نتن، ولم يجد ماء، قال: يتيمم، وهو بمنزلة رجل لم يتم وضوءه، قال: وإذا أصاب شيئا من مواضع الوضوء والتيمم نتن، مسحه بالتراب، وكان بمنزلة الماء .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر: ومن حجة من قال هذا القول حديث أبي
سعيد، وقد ذكرته بإسناد في باب قبل، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة .
730 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16599علي بن الحسن، نا
nindex.php?page=showalam&ids=15856داود بن رشيد، ومحمد بن أسد الخشني، قالا: نا
الوليد، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد، عن أبيه،
nindex.php?page=hadith&LINKID=672251عن nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى، فإن التراب لهما طهور" . 731 - حدثنا
علي، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17342يحيى بن يحيى، نا
خارجة، عن
عبد الله بن الحسن، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16572عطاء بن يسار، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17177موسى بن عقبة، عن
القعقاع بن حكيم، عن nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا وطئ أحدكم بنعليه في الأذى، فإن التراب لهما طهور".
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر: قد يجوز أن يقال: إن النجاسات لا تطهر إلا بالماء؛ لأن الله تعالى قال (
وأنزلنا من السماء ماء طهورا ) ، وقال (
وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ) ، والأخبار الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمر بصب دلو من ماء على بول الأعرابي، ولأنه أمر بغسل دم
[ ص: 293 ] الحيضة، فوجب
إزالة النجاسات بالماء، لا تقع طهارة لشيء من النجاسات، إلا بالماء إلا موضع دلت عليه السنة، فإن ما دلت عليه السنة يطهر بغير الماء، وذلك:
الاستنجاء بالأحجار الثلاثة؛ لأن الحديث يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل ذلك طهورا لموضع الاستنجاء، وللخفاف والنعال، فإن طهارة ما يصيبها مسحها بالتراب بحديث
أبي سعيد، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وقد ذكرناهما فأما سائر النجاسات فلا تطهر إلا بالماء، ومن حيث وجب أن نجعل الأحجار في موضع الاستنجاء مطهرة لذلك الموضع يجب كذلك أن نجعل
طهارة الخفاف والنعال مسحها بالتراب لا فرق بينهما أو يكون سائر الأنجاس يطهرها الماء، والله أعلم .
وقالت طائفة: النجاسات كلها تطهر بالماء، لا تطهر بغيره، كذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري يقول في البول في النعل، والثوب سواء، وقال
النعمان في الخف يصيبه الروث، أو العذرة، أو الدم، أو المني فيبس فحكه، قال: يجزئه، وإن كان رطبا لم يجزه حتى يغسله، والثوب لا يجزئه حتى يغسله، وإن يبس إلا في المني .
وقال
محمد: لا يجزئه في اليابس أيضا حتى يغسل موضعه في الخف وغيره إلا في المني خاصة.
وقال
أبو حنيفة في الخف يصيبه البول: لا يجزئه حتى يغسله وإن يبس. وفي كتاب
محمد: في الثوب يصيبه العذرة، أو الدم فيحته، قال:
[ ص: 294 ] لا يجزئه ذلك، وكذلك روث الحمار والبغل مثل العذرة، فإن أصاب النعل أو الخف الدم، أو العذرة، أو الروث، فجف فمسحه الرجل بالأرض يجزئه ذلك، وله أن يصلي فيه، قال: قلت له: فمن أين اختلف النعل والثوب؟ قال: لأن النعل جلد، فإذا مسحه بالأرض ذهب القذر منه، والثوب ليس هكذا؛ لأن الثوب ينشفه فيبقى فيه .
وقال
محمد في الدم، والعذرة: إذا أصاب الخف، والنعل لا يجزئه أن يمسحه من الخف، والنعل حتى يغسله من موضعه، وإن كان يابسا. وقال
أبو يوسف، ومحمد: إذا أصاب الخف، أو النعل، أو الثوب الروث فصلى فيه، وهو رطب، وهو أكثر من قدر الدرهم أن صلاته تامة، وإن كان كثيرا فاحشا فصلى فيه أعاد الصلاة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر: وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثا يدخل في هذا الباب، وفي إسناده مقال، وذلك أنه عن امرأة مجهولة أم ولد
إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف غير معروفة برواية الحديث
[ ص: 295 ] 732 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16599علي بن الحسن، نا
nindex.php?page=showalam&ids=12063أبو عاصم النبيل، عن
محمد بن عمارة، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16900محمد بن إبراهيم التيمي، nindex.php?page=hadith&LINKID=98752عن أم ولد لإبراهيم بن عبد الرحمن قالت: " كنت أطيل ذيلي فأمر في المكان القذر، والمكان الطيب فدخلت على nindex.php?page=showalam&ids=54أم سلمة فسألتها فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يطهره ما بعده".
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر: وقد اختلف أهل العلم في معناه فكان
أحمد يقول: ليس معناه إذا أصابه بول، ثم مر بعده على الأرض أنها تطهره، ولكنه يمر بالمكان فيقذره، فيمر بمكان أطيب منه فيطهر هذا ذاك ليس على أنه يصيبه شيء .
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقول: في قوله: "الأرض تطهر بعضها بعضا إنما هو أن
يطأ الأرض القذرة، ثم يطأ الأرض اليابسة النظيفة، قال: يطهر بعضها بعضا، فأما النجاسة الرطبة مثل البول وغيره يصيب الثوب أو بعض الجسد حتى يرطبه، فإن ذلك لا يجزئه، ولا يطهره إلا الغسل، وهذا إجماع الأمة "
[ ص: 296 ]
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول في قوله: "يطهره ما بعده" . إنما هو ما جر على ما كان يابسا لا يعلق بالثوب منه شيء، فأما إذا جر على رطب، فلا يطهر إلا بالغسل، ولو ذهب ريحه ولونه وأثره.