صفحة جزء
ذكر بيع تراب المعادن والصاغة

ومما هو داخل في بيع الغرر بيع تراب الصاغة، وتراب المعادن .

وقد اختلفوا فيه، فممن كره بيع تراب الصاغة: عطاء بن أبي رباح، والشعبي . وكان الشافعي لا يرى شراء تراب المعادن بحال. وبه قال الثوري، والأوزاعي، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور .

وفيه قول ثان: وهو إباحة شراء تراب الذهب بالفضة، وتراب الفضة بالذهب. هذا قول الحسن البصري، وإبراهيم النخعي. وبه قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن، والليث بن سعد .

وفيه قول ثالث: وهو قول من فرق بين تراب المعادن، وتراب الصاغة، فرخص في شراء تراب المعادن بشيء مخالف له، إن كان ذهبا فبورق يدا بيد، وبعوض إلى أجل أو يدا بيد إذا قبضه وأحاد به بصره .

هذا قول مالك رحمه الله .

وقال مالك: لا يصلح تراب الصواغين بالعروض، ولا بغيرها من الأشياء. وذكر ابن القاسم صاحبه: أن بينهما فرق، قال: تراب المعدن ينظر إليه ويعرف ويحرز، كما يعرف الزرع القائم في سنبله [ ص: 45 ] للمشتري ويحرز، وأما تراب الصواغين: فهو في الرماد مغيب لا يراه أحد، ولا يدرى ما فيه ولا يدرى فيه شيء أم لا .

قال أبو بكر: وليس هذا بفرق ملزم، لأن جميع ذلك مغيب عن أبصار الناظرين مجهول، يقل ويكثر، ولا يعل في أحدهما بعلة إلا أمكن مخالفه أن يعتل في الآخر بمثل علته، وكل ذلك داخل في بيع الغرر الذي نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه .

التالي السابق


الخدمات العلمية