مسألة :
أجمع أهل العلم على أن
من باع معلوما من السلع حاضرا بمعلوم من الثمن ، وقد أحاط البائع والمشتري معرفة بالسلعة أن البيع جائز .
وأجمعوا على أن من باع سلعة بثمن مجهول غير معلوم ولا مسمى ولا ثمنا قائما أن البيع فاسد .
واختلفوا فيمن باع سلعة لم يرها المشتري ، ووصفها له البائع بصفة معروفة .
فقالت طائفة : البيع جائز ، والمشتري بالخيار ، كانت السلعة على النعت التي وصفت له أم لم تكن . هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري ،
وأصحاب الرأي . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ،
والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي : من اشترى شيئا لم يره فهو بالخيار إذا رآه ، إن شاء أخذه ، وإن شاء تركه .
وقالت طائفة : إذا خرجت السلعة على الصفة التي وصفت له فالبيع جائز ولا خيار له ، وإن كانت على غير الصفة فله الخيار . هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ،
nindex.php?page=showalam&ids=12341وأيوب السختياني ،
nindex.php?page=showalam&ids=16867ومالك بن أنس ،
وعبيد الله بن الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
وإسحاق ،
nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبي ثور ،
وابن نصر .
[ ص: 360 ]
وفيه قول ثالث : وهو أن البيع بيعان لا ثالث لهما : بيع صفة مضمونة على بائعها ، فإذا جاء بها فلا خيار للمشتري فيها إذا كانت على صفتها ، وبيع عين بعينها يسلمها البائع للمشتري ، فإذا تلفت لم يضمن سوى العين التي باع . هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقد أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بيع العين الغائبة ، وجعل للمشتري الخيار فيه مرة .
وقال
الحكم وحماد في الرجل يشتري العبد وقد رآه بالأمس ولم يره يوم اشتراه ، قالا : لا يجوز حتى يراه يوم اشتراه .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : فالذي أقول به أن السلعة إذا كان البائع عالما بها ووصفها للمشتري بصفة معروفة أن البيع جائز ، فإن خرجت على الصفة التي وصفها البائع لزم المشتري ذلك ولم يكن له خيار ، والحجة في إجازة هذا البيع قول الله عز وجل : (
وأحل الله البيع ) ، وهذا بيع معلوم قد تراضى به المتبايعان ، ولا يجوز إبطال هذا البيع إلا بحجة من كتاب ، أو سنة ، أو اتفاق . وقد أذن النبي عليه السلام في بيع السلم وهو مضمون على البائع بصفة معلومة ، فالشيء القائم إذا وصف أولى أن يجوز ، مع أني لا أعلم أحدا من السلف أبطل هذا البيع إلا ما ذكرته من أحدى قولي
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وما حكيته عن
الحكم وحماد . على أن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قد أجاز هذا البيع في غير من كتبه وأبطله في غير موضع ، وقوله الذي يوافق قول سائر العلماء ويوافق هذا الكتاب أولى به . وهذا
[ ص: 361 ] بيع داخل في جملة ما أبيح من البيوع غير خارج منه بكتاب ولا سنة ولا إجماع ، والله الموفق .