ذكر
الكفالة بالنفس
اختلف أهل العلم في الكفالة بالنفس ، فأوجب ذلك أكثر أهل العلم ، روينا عن
شريح أنه حبس ابنا له كفالة .
وقال
أبو هاشم في رجل كفيل برجل بنفسه ففر المكفول به . قال : يحبس الكفيل أياما ثم يخرجه ، ثم يحبسه أياما ويأمره أن يطلب .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وممن قال أن الكفالة بالنفس جائزة يؤخذ بها الكفيل :
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري ،
nindex.php?page=showalam&ids=15124والليث بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد بن حنبل ،
والنعمان .
واختلف فيه عن
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فأوجب ذلك مرة ، وقال مرة : هي ضعيفة .
وقالت طائفة : الكفالة بالنفس غير جائزة ، لأن الله لم يوجبها ولا رسوله . وأعلى ما احتج به من أوجب الكفالة بالنفس .
[ ص: 617 ]
خبر روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود أنه كفل قوما وقال : الكفالة كانت في حد لا في مال .
والذين يحتجون بخبر
عبد الله خالفوه فقالوا : لا تجوز الكفالة في الحدود . فقال بعضهم : الكفالة بالحدود وغير الحدود تجب . فاحتج بخبر
عبيد الله .
8376 - حدثنا
نصر بن أحمد قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى قال : حدثنا
إسرائيل ، عن
أبي إسحاق ، عن
حارثة بن مضرب قال : صليت مع
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود الغداة ، فلما سلم قام رجل فحمد الله وأثنى عليه ، قال : أما بعد فوالله لقد بت الليلة وما في نفسي على أحد من الناس حنة - ولم أدر ما الحنة حتى سألت شيخا إلى جنبي فقال : العداوة والغضب والشحناء . فقال الرجل : وإني كنت استطرفت رجلا من
بني حنيفة لفرسي ، وإنه أمرنى أن آتيه بغلس فانتهينا إلى مسجد
بني حنيفة - مسجد
عبد الله بن النواحة - سمعت مؤذنهم يشهد أن لا إله إلا الله وأن مسيلمة رسول الله ، فكذبت سمعي وكففت الفرس حتى سمعت أهل المسجد أسطوا على ذلك مما كذبه
عبد الله فقال : من هاهنا ، فقام علي
بعبد الله بن النواحة وأصحابه فجيء بهم وأنا جالس ، فقال
عبد الله لعبد الله بن النواحة : أين ما كنت تقرأ من
[ ص: 618 ] القرآن ؟ قال : كنت أتقيكم به فأتي فأمر به
عبد الله قرظة بن كعب الأنصاري فأخرجه إلى السوق فجلد رأسه . قال
حارثة : فسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود يقول : من سره أن ينظر إلى
عبد الله قتيلا بالسوق فليخرج فلينظر إليه . قال
[حارثة ] : فكنت فيمن خرج فإذا هو قد جرد ، وإذا عمامة له ، ثم
إن عبد الله شاور أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم في بقية القوم ، فقام nindex.php?page=showalam&ids=76عدي بن حاتم فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أما بعد فتوبوا من الكفر . فقال الأشعث وجرير : استتبهم وكفلهم عشائرهم . فاستتابهم فتابوا ، وكفلهم عشائرهم .
8377 - أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16991محمد بن عبد الله بن عبد الحكم ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=16472ابن وهب أخبرهم ، قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=12458ابن أبي الزناد ، عن
أبيه ، قال : حدثني
محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي ، عن أبيه
حمزة ، أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بعثه مصدقا على
بني سعد بن هذيم قال : فأتى
حمزة بمال له ليصدقه فإذا رجل يقول لامرأة : خذي مال مولاك ، وإذا المرأة تقول له : بل أنت أو صدقه مال ابنك ، فسأله
حمزة بن عمرو عن أمرهما وقولهما فأخبر أن ذلك الرجل زوج تلك المرأة وأنه وقع على جارية لها فولدت ولدا فأعتقته امرأته ،
[ ص: 619 ] قالوا : فهذا المال لابنه من جاريتها . فقال
حمزة : لأرجمنك بأحجارك . فقال له أهل الماء : أصلحك الله ، إن أمره قد رفع إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فجلده مائة لم ير عليه الرجم . قال : فأخذ
حمزة بالرجل كفلا حتى قدم على
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب فسأله عما ذكر أهل الماء من جلد
عمر إياه مائة جلدة وأنه لم ير عليه رجما . قال : فصدقهم
عمر بذلك من قولهم ، وإنما درأ عنه الرجم ، لأنه عذره بالجهالة .
قال هذا القائل : فهؤلاء جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قد رأوا
الكفالة في الحدود . والعراقيون يقولون : لا كفالة في حد .
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود تكفل أصحاب
ابن النواحة بالكوفة بحضرة جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم غير
nindex.php?page=showalam&ids=185الأشعث بن قيس وجرير بن عبد الله اللذين أشارا عليه بتكفيل هؤلاء القوم من عشائرهم ،
وحمزة قد كفل أيضا في الحد ، ولعل ذلك قد ذكر
لعمر ، فهؤلاء جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأوا الكفالة في الحدود ، ولا نعلم صحابيا خالفهم ، وأصل قول معلمنا - يعني
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي - وقول العراقيين في جملة ما يعطون في الأصل أنهم لا يخالفون الصحابي إلا إلى قول مثله ، فيلزمهم جميعا على أصل مذهبهم أن يروا الكفالة في الحدود جائزة ، فأما أن يروا كفالة النفس في غير الحدود ولا يعلم في صحابي أنه حكم به ، ويبطلوا كفالة النفس في الحدود ، وقد روي عن جماعة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فهو سهو وإغفال ، والله أعلم .
[ ص: 620 ]