صفحة جزء
ذكر المكاتب يكاتب عبدا له

واختلفوا في المكاتب يكاتب عبدا له . [ ص: 497 ]

فقالت طائفة : ذلك جائز . هذا قول سفيان الثوري والنعمان ومن تبعهما ، قال الثوري : فإن أدى إلى المكاتب عتق ، وإن عجز هذا الذي كاتبه رد ولم يرد الذي كاتب المكاتب وكان ولاؤه لموالي المكاتب ، وإن عجز المكاتب الأول الذي كاتبه وهذا لم يؤد أدى إلى موالي المكاتب الأول وكان الولاء لهم . وقال النعمان في المكاتب يكاتب عبده قال : جائز . ثم قال : فإن أعتقه على مال لم يجز ، وإن باعه نفسه بماله لم يجز وإن زوج أمته رجلا جاز ، وإن زوج عبده لم يجز ، ولا يجوز للعبد المأذون له في التجارة شيء صنعه من هذا ، في قول النعمان ومحمد . وقال يعقوب : يجوز له أن يزوج أمته .

وفيه قول ثان : وهو أن ينظر في ذلك ، فإن كان إنما أراد المحاباة للعبد [و] عرف ذلك منه بالتخفيف عنه فلا يجوز ، وإن كان إنما كاتبه على وجه الرغبة وطلب المال وابتغاء الفضل والعون على كتابته فذلك جائز له . (هذا) قول مالك بن أنس .

وفيه قول ثالث : وهو أن ليس للمكاتب أن يكاتب ولا يعتق ولا يهب ولا يتزوج إلا بإذن سيده . هكذا قال الحسن البصري . وكان الشافعي يقول : وإذا أذن الرجل لمكاتبه أن يعتق عبده فأعتقه أو أذن له أن يكاتب عبده على شيء فكاتبه ، وأدى المكاتب الأجر قبل الذي كاتبه [ ص: 498 ] أو لم يؤد فلا يجوز في هذا إلا واحد من قولين : أحدهما : أن العتق والكتابة باطل ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : "الولاء لمن أعتق" فلما كان المكاتب لا يكون له ولاء لم يجز أن يعتق ولا يكاتب من يعتق بكتابة وهو لا ولاء له . ومن قال هذا قال : ليس هذا [كالبيوع ولا] الهبات ، ذلك شيء يخرج من ماله لا يعود عليه منه شيء بحال ، والعتق بالكتابة شيء يخرج به من ماله له فيه على المعتق حق ولاء فلما لم يعلم مخالفا أن الولاء لا يكون إلا لحر لم يجز عتقه بحال .

والقول الثاني : أن يجوز .

وقال الأوزاعي في مكاتب كاتب غلاما له بإذن سيده [قال : جائز فإن أدى الأول] كتابته عتق وسعى مكاتبه في كتابته ، فإن عجز الأول رد في الرق وسعى الآخر للسيد فإذا أدى عتق . قيل للأوزاعي : فإن كاتبه بغير إذن سيده ؟ قال : إن أدى الأول عتق وصار مكاتبا للسيد ، وما كان للمكاتب من مال فهو للسيد . وقال حماد بن أبي سليمان في المكاتب يعتق مملوكا كان له قال : يرجى فإن مضى عتقه عتق وإلا رجع .

التالي السابق


الخدمات العلمية