النذور في المعاصي
أجمع أهل العلم الذين حفظت عنهم أن على من قال:
إن شفى الله مريضي من علته - أو قدم غائبي، وما أشبه ذلك - فعلي من الصوم كذا، ومن الصلاة كذا، ومن الصدقة كذا، فكان [ما قال، أن عليه] الوفاء بنذره.
واختلفوا فيمن
نذر نذر معصية، فقالت طائفة: لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين.
روي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ، وحكي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري والنعمان .
وقالت طائفة: لا كفارة فيه، كذلك قال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ، واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=708110 "من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه" وقد ذكرنا إسناده.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : ولا يثبت حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري عن
أبي سلمة ؛ لأن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري لم يسمعه من
أبي سلمة ، وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين إنما رواه
محمد بن [ ص: 265 ] الزبير الحنظلي، عن أبيه، وأبوه مجهول، وخبر
nindex.php?page=showalam&ids=25عائشة ثابت، وخبر
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين يدل على ذلك.
9005 - أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=14356الربيع بن سليمان ، قال: أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، قال: أخبرنا
سفيان، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12341أيوب السختياني، عن
أبي قلابة ، عن
أبي المهلب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=40عمران بن حصين ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=674772 "لا نذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم". [ ص: 266 ]
واختلفوا فيمن
نذر مشيا إلى مسجد الرسول - صلى الله عليه وسلم - أو إلى مسجد بيت المقدس.
فقالت طائفة: يفي بنذره، كان مالك يقول: إذا جعل عليه مشيا من
المدينة إلى بيت المقدس مضى إلى ذلك وركب، وكذلك قال
أبو عبيد ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي : ليركب ولا يمش وليتصدق لركوبه بصدقة.
وقالت طائفة: إذا نذر مشيا إلى
بيت المقدس تجزئه الصلاة في المسجد الحرام.
روي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب :
من نذر أن يعتكف في مسجد إيليا فاعتكف في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة ، أجزأ عنه. ومن
نذر أن يعتكف في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - فاعتكف في المسجد الحرام أجزأ عنه.
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول: وأحب إلي لو نذر أن يمشي إلى مسجد
المدينة ومسجد
بيت المقدس أن يمشي؛ وذلك لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=691836 "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، ومسجد بيت المقدس" ولا يبين أن أوجب المشي إلى مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - ومسجد بيت المقدس كما يبين [أن] أوجب المشي إلى بيت الله؛ وذلك أن البر بإتيان بيت الله فرض، والبر بإتيان هذين نافلة.
وحكى
البويطي عنه أنه قال: من نذر أن يمشي إلى بيت المقدس أو
المدينة ركب إليهما.
[ ص: 267 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : من نذر أن يمشي إلى مسجد الحرام ومسجد الرسول وجب عليه ذلك وعليه الوفاء به؛ لأن ذلك طاعة، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - من نذر أن يطيع الله أن يطيعه، وثبت أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=651115 "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجد الرسول، والمسجد الأقصى" لا يجزئه إذا نذر أن يمشي إلى أي هذين المسجدين عن الوفاء به،
ومن نذر المشي إلى مسجد بيت المقدس كان بالخيار، إن شاء مشى إليه، وإن شاء مشى إلى المسجد الحرام؛ للحديث الذي:
9006 - حدثناه
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا
حجاج ، قال: حدثنا
حماد، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15681حبيب المعلم ، عن
عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله nindex.php?page=hadith&LINKID=674798أن رجلا قال يوم الفتح: يا رسول الله، إني نذرت إن فتح الله عليك مكة أن أصلي في بيت المقدس، قال: "صل هاهنا" فقال: إني نذرت في بيت المقدس، قال: "صل هاهنا" قال: إني نذرت أن أصلي في بيت المقدس، قال: "صل هاهنا". 9007 - وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16628علي بن عبد العزيز ، قال: حدثنا
أبو عبيد ، قال حدثنا عبد
الوهاب بن عطاء ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
قزعة، عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
nindex.php?page=hadith&LINKID=673661 "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجد إبراهيم، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى". [ ص: 268 ]
واختلفوا فيما يجب على من أوجب على نفسه نذرا من غير تسمية.
فقالت طائفة: عليه أغلظ اليمين، [و] أغلظ الكفارة عتق رقبة، أو يصوم شهرين متتابعين، أو يطعم ستين مسكينا.
يروى هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
ومجاهد .
وفيه قول ثان: وهو أن كفارته كفارة يمين، روي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله ،
nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ،
nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن البصري ،
والقاسم بن محمد ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
وعكرمة، nindex.php?page=showalam&ids=16248وطاوس ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك nindex.php?page=showalam&ids=16004وسفيان الثوري nindex.php?page=showalam&ids=11956وأبو ثور ومحمد بن الحسن : كفارة يمين.
وفيه قول ثالث: وهو أن يفي بالطاعة ولا شيء عليه في نذر المعصية.
قال
مسروق :
النذر نذران فما كان لله فالوفاء به، وما كان للشيطان فلا وفاء به، ولا كفارة. وكان
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي يقول: وإن قال: علي نذر ولم يسم شيئا فلا نذر ولا كفارة؛ لأن النذر معناه على أن [أبر و] ليس معناه معنى أني أثمت ولا حلفت فلم أفعل، وإذا نوى بالنذر شيئا من طاعة الله فهو ما نوى.
وقد روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قول رابع في النذر: عتق رقبة، أو إطعام ستين مسكينا، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين.
[ ص: 269 ]
وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري يقول قولا خامسا، قال: إن كان في طاعة الله فعليه وفاء، وإن كان معصية لله فليتقرب إلى الله - عز وجل - بما شاء.
وفيه قول سادس: وهو إن كان نوى شيئا فهو ما نوى، وإن كان سمى فهو ما سمى، وإن لم يكن نوى ولا سمى، فإن شاء صام يوما، وإن شاء أطعم مسكينا، وإن شاء صلى ركعتين.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : من نذر لله طاعة فعليه الوفاء به، ومن نذر معصية فلا شيء عليه، ولا يحل له الوفاء به، ومن قال: علي نذر إن فعلت كذا، ففعل، فلا كفارة عليه؛ لأنه غير حالف.
واختلفوا في
الرجل ينذر أن ينحر ابنه.
فقالت طائفة: يذبح كبشا، ثبت ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
عطاء ومسروق .
وقال
أحمد وإسحاق فيمن نذر أن ينحر نفسه: إذا حنث يذبح كبشا.
وقالت طائفة: يكفر يمينه، في الذي نذر أن ينحر نفسه، هكذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ،
وأبو عبيد القاسم بن سلام.
وفيه قول ثالث: وهو أن ينحر مائة من الإبل، روي ذلك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وفيه قول رابع: وهو أن لا شيء عليه؛ لأنه نذر معصية، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
[ ص: 270 ]
وقال
مسروق : ليس بشيء، وهو من خطوات الشيطان، وكذلك نقول، وأصل هذا في الحديث الذي ذكرته عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:
nindex.php?page=hadith&LINKID=708110 "من نذر أن يعصي الله فلا يعصه" ولم يأمر في ذلك بكفارة يمين، ونحر الولد معصية.