صفحة جزء
باب ذكر جراحات النساء

اختلف أهل العلم فيما يجب في جراحات النساء فقالت طائفة : دية المرأة على النصف من دية الرجل فيما دق وجل . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب .

9414 - حدثنا محمد بن علي ، قال : حدثنا سعيد ، قال : حدثنا هشيم ، عن الشيباني وابن أبي ليلى ، وذكرنا عن الشعبي ، أن عليا كان يقول : جراحات النساء على النصف من دية الرجل فيما قل أو كثر . [ ص: 166 ]

وبه قال سفيان الثوري ، والشافعي ، وأبو ثور ، والنعمان ، وصاحباه . واحتج بعضهم بأنهم قد أجمعوا على أن ديتها على النصف من دية الرجل ، فإذا أجمعوا على الكثير ، فحكم القليل إذا اختلفوا فيه حكم الكثير . والله أعلم .

وقالت طائفة : عقلها مثل عقل الرجل إلى الثلث ، فإذا بلغت ثلث دية الرجل كانت على النصف من دية رجل . روي هذا القول عن عمر بن الخطاب ، وزيد بن ثابت .

9415 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن جابر ، عن الشعبي ، عن شريح ، قال : كتب إلي عمر أن جراحات الرجال والنساء [سواء ] إلى الثلث من دية الرجل . [ ص: 167 ]

9416 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : ثنا يحيى بن أيوب ، قال : حدثنا محمد بن يزيد ، عن زكريا ، عن الشعبي قال : كان زيد بن ثابت يجعله سواء إلى الثلث .

وبه قال سعيد بن المسيب ، وعروة بن الزبير ، والزهري ، وعمر بن عبد العزيز ، وقتادة ، وبه قال مالك ، وعبد الله بن يزيد بن هرمز ، وعبد الملك الماجشون ، وأحمد بن حنبل .

وفيه قول ثالث : وهو أنهما يستويان إلى النصف ، فإذا بلغ النصف اختلفا . هذا قول الحسن البصري من رواية ابن عون ، والأشعث عنه . وقد روى عنه يونس أنه قال كالذي روي عن عمر وزيد .

وفيه قول رابع : وهو أنهما يستويان إلى المنقلة ، ويختلفان فيما فوق ذلك .

9417 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال : حدثنا أبو عمر الحوضي ، قال : حدثنا همام ، قال : حدثنا قتادة ، عن سليمان بن يسار ، عن زيد بن ثابت أنه قال في جراحات الرجال والنساء : يستويان إلى المنقلة ، ويختلفان فيما فوق ذلك . [ ص: 168 ]

قال أبو بكر : وهذه الرواية عن زيد خلاف الرواية الأخرى .

وفيه قول خامس : وهو أن ديتها سواء إلى السن والموضحة ، فما زاد على ذلك فهو على النصف .

روي هذا القول عن ابن مسعود ، وشريح ، وروي ذلك عن عمر ، وهو أصح الروايتين عن عمر .

قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول وذلك أنهم قد أجمعوا أن دية المرأة على النصف من دية الرجل ، (وأجمعوا أنهما مختلفي الدية في النصف وفيما زاد على النصف) من دية الرجل واختلفوا فيما نقص من النصف ، فوجب أن يكون حكم ما قل وكثر منه حكم ما أجمعوا عليه من الكل ، لأن النصف من أرش الجراح يجب بإجماعهم واختلفوا فيما زاد على ذلك فأخذ ما أجمعوا عليه من الجاني يجب ، لأنهم قد أجمعوا على وجوبه ويجب الوقوف عن الحكم بما زاد على ذلك لما اختلفوا فيه ، إلا بحجة من كتاب أو سنة أو إجماع ، ولا حجة مع من قال إنهما يستويان في شيء مما ذكرناه عنهم . والله أعلم . [ ص: 169 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية