صفحة جزء
باب السمحاق

اختلف أهل العلم فيما يجب في السمحاق ، فقالت طائفة : فيه أربع من الإبل . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب ، وزيد بن ثابت . وروي أن معاوية بن أبي سفيان جمع رهطا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من علمائهم ، قال : ما تقولون في الديات ما لم تجئ فيه السنة من رسول الله ؟ قالوا : في السمحاق أربعة - يعني من الإبل .

9435 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، عن جابر ، عن عبد الله بن نجي ، عن علي أنه قال : في السمحاق أربع من الإبل . وحكي هذا القول عن عبيد الله بن الحسين ، فاختلف فيه عن إسحاق ، فحكي عنه أنه قال : أربع من الإبل ، وحكي عنه أنه وافق أحمد فقال : ليس فيما دون الموضحة من الشجاج عقل .

وفيه قول ثان : وهو أن في السمحاق نصف ما في الموضحة .

9436 - من حديث مالك ، عن يزيد بن قسيط ، عن سعيد بن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة . [ ص: 184 ]

وقالت طائفة : ليس فيما دون الموضحة أرش معلوم ، ولكن فيه حكومة .

كذلك قال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، وعمر بن عبد العزيز .

9437 - وقد روينا عن مكحول ، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قضى في الموضحة فصاعدا ، ولم يقض فيما دونها شيئا .

وممن قال ليس فيما دون الموضحة أرش معلوم : مالك بن أنس ، ومحمد بن إدريس الشافعي ، وأحمد بن حنبل . وحكي ذلك عن يحيى بن سعيد وعبد العزيز بن أبي سلمة . وذكر الشافعي أن مالك نفى أن يكون أحد من الأئمة في قديم أو حديث قضى فيما دون الموضحة بشيء . [ ص: 185 ]

قال : هو - والله - يروى عن إمامين عظيمين من المسلمين عمر وعثمان ، أنهما قضيا فيما دون الموضحة بشيء موقت .

قال أبو بكر : ليس يلزم مالك من حديث عمر وعثمان شيء إلا لزم الشافعي مثله ، لأن الحديث إن كان ثابتا عنهما ، ووجب الأخذ بما قالا ، فقد لزمه مثل ما لزم مالكا ، لأن مالكا قال : ليس فيما دون الموضحة من الشجاج عقل معلوم ، وكذلك قال الشافعي ، وإن كان تقليدهما غير لازم فلا عتب على مالك حين ترك الأخذ بما قالا ، مع أن عذر مالك في تركه الأخذ بهذا الحديث بين ، لأن الحديث كان غير ثابت عنهما عند مالك .

9438 - حدثني إسحاق ، عن عبد الرزاق ، قال : قلت لمالك : إن الثوري أخبرنا عنك ، عن يزيد بن قسيط ، عن ابن المسيب أن عمر وعثمان قضيا في الملطاة بنصف الموضحة . فقال لي : قد حدثته به . فقلت : فحدثني به فأبى ، وقال : العمل عندنا على غير ذلك ، وليس الرجل عندنا هناك - يعني : يزيد بن قسيط . [ ص: 186 ]

قال أبو بكر : فظاهر هذا أن مالكا إنما ترك الحديث ، لأن يزيد لم يكن بالرضي عنده ، وإذا كان هكذا فكأن الحديث لم يثبت عنده ، وله إذا لم يثبت عنده الحديث أن يقول لم يكن أحد من الأئمة في قديم أو حديث قضى فيما دون الموضحة بشيء إذا كان الحديث عنهما غير ثابت عنده .

التالي السابق


الخدمات العلمية