صفحة جزء
باب ذكر الشفتين

جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "في الشفتين [الدية ] " . [ ص: 231 ]

9483 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا الحكم بن موسى ، قال : حدثنا يحيى بن حمزة ، عن سليمان بن داود ، عن الزهري ، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم ، عن أبيه ، عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى أهل اليمن بكتاب فيه الفرائض والسنن والديات ، وبعث به مع عمرو بن حزم فقرئت على أهل اليمن قال : "في الشفتين الدية " .

واختلف أهل العلم فيما يجب في الشفتين : فقالت طائفة : في الشفتين الدية ، في كل واحدة منهما نصف الدية ، لا فضل للعليا منهما على السفلى . روي هذا القول عن علي بن أبي طالب .

9484 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن إسرائيل ، قال : أخبرني أبو إسحاق ، عن عاصم بن ضمرة ، عن علي قال : في الشفتين الدية .

وبه قال عطاء ، والشعبي ، والحسن البصري ، والنخعي . وروي ذلك عن شريح . وهذا قول مالك بن أنس ، وعبد العزيز بن أبي سلمة فيمن تبعهما من أهل المدينة .

وكذلك قال الشافعي وأصحابه وإسحاق . قال : لأن قول علي وابن مسعود أحق أن يتبع ، وهو قول النعمان وأصحابه . [ ص: 232 ]

وفيه قول ثان : وهو أن في الشفة العليا ثلث الدية ، وفي الشفة السفلى ثلثا الدية . روي هذا القول عن زيد بن ثابت .

9485 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا حجاج ، قال : حدثنا حماد ، قال : أخبرنا الحجاج ، عن مكحول ، أن زيد بن ثابت قال : في الشفة العليا ثلث الدية ، وفي الشفة السفلى ثلثا الدية .

وبه قال سعيد بن المسيب ، والزهري ، وقد اختلف فيه عن الشعبي ، فروي عنه أنه قال : هما سواء ، وروي عنه مثل ما قال ابن المسيب . واعتل الشعبي بأن في السفلى ثلثي الدية ، لأنها تمنع الطعام والشراب .

وقد روينا عن مجاهد قولا ثالثا وهو : أن في الشفتين خمسون خمسون ، وتفضل السفلى على العليا من المرأة والرجل في التغليظ ، لا تفضل بزيادة في العدد ، ولكن في أسنان الإبل .

وقد روينا عن مروان أنه قضى في الشفة العليا بخمسة وأربعين من الإبل ، وفي السفلى بخمسة وخمسين .

قال أبو بكر : وبالقول الأول أقول ، للحديث المرفوع عن رسول الله ، فظاهر قوله : "في الشفتين الدية" يوجب أن في كل واحدة منهما [ ص: 233 ] نصف الدية ، وكما في اليدين الدية ، ومنافعهما مختلفة ، وفي الأصابع في كل أصبع عشر من الإبل ، ومنافعها تختلف ، فحكم الشفتين على ظاهر الحديث ، كحكم الأيدي والأصابع والأسنان ، وإن اختلفت منافعها .

والله أعلم .

قال أبو بكر : وما قطع من الشفتين فبحساب ذلك . وكان الشافعي يقول : والشفة كل ما زايل جلد الذقن والخدين من أعلى والأسفل مستديرا بالفم كله مما ارتفع عن الأسنان واللثة . [ ص: 234 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية