صفحة جزء
ذكر القصاص في العظم

اختلف أهل العلم في القصاص من العظم ، فقالت طائفة : ليس في العظم قصاص . روي هذا القول عن ابن عباس .

9559 - حدثنا موسى بن هارون ، قال : حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ، قال : حدثنا حفص ، عن حجاج ، عن ابن أبي مليكة ، عن ابن عباس قال : ليس في العظام قصاص . [ ص: 302 ]

وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والنخعي ، وعطاء ، والزهري ، والحكم ، وبه قال ابن شبرمة ، والثوري ، والشافعي ، والنعمان ، وابن الحسن .

وفيه قول ثان : وهو أن لا قصاص في عظم ما خلا الرأس . كذلك قال الحسن البصري ، والشعبي ، والنخعي . وقد ذكرنا عن الثوري والنعمان أنهما قالا : لا قصاص في عظم إلا السن .

وقالت طائفة : في العظم قصاص .

قضى أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم - وهو أمير المدينة - في رجل كسر فخذ رجل ، فأمر به فكسر فخذه . وفعل ذلك عبد العزيز بن عبد الله بن [خالد] بن أسيد بمكة في خلافة عمر بن عبد العزيز ، وروي عن عمر بن عبد العزيز أنه فعل ذلك برجل دق ذراع رجل ، فدعا عمر الطبيب فدق ذراعه . وهذا قول مالك ، وذكر أن الأمر المجتمع عليه عندهم أن من كسر يدا أو رجلا عمدا أنه يقاد منه ولا يعقل ، قال : وهو أمر معمول به في بلادنا في الرجل يضرب الرجل فيتقيه بيده فيكسرها قال : يقاد منه . وقد حكي عن مالك أنه قال : كلما قدر على [ ص: 303 ] القصاص أقيد منه ، سنا كان أو عظما ، ولا قصاص في مأمومة ، ولا قود في كسر صلب ولا ظهر .

قال أبو بكر : أما السن فالقصاص فيه يجب بالكتاب والسنة ، وقد ذكرت ذلك في باب ذكر القصاص من السن . وكل عظم لا يوصل إلى القصاص منه إلا بضرب قد يخطئ الضارب ويصيب ويزيد وينقص ، فلا قصاص فيه ، وقد اعتل الشافعي في تركه القصاص من العظم بمعنيين قال : أحدهما : أن دون عظمهما حائل من جلد ولحم وعرق وعصب ممنوع ، فلو استيقنا أن نكسر عظمه كما كسر عظمه ، لا نزيد عليه ولا ننقص فعلنا ، ولكنا لا نصل إلى العظم حتى ينال منه ما دونه مما وصفت ، مما لا يعرف قدره مما هو أكثر أو أقل مما نال من غيره .

والثاني : أن لا نقدر أن يكون كسرا ككسر أبدا ، فهو ممنوع من الوجهين .

قال أبو بكر : وقد روينا في هذا الباب حديثا مرفوعا من حديث نمران بن [جارية] عن أبيه أن رجلا ضرب رجلا بالسيف على ساعده فقطعها من غير مفصل ، فاستعدى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ، فأمر له بالدية . فقال : يا رسول الله ، أريد القصاص . قال : خذ الدية ، بارك الله لك فيها ، ولم يقض له بغيرها . [ ص: 304 ]

9560 - حدثناه أبو محمد بن بوبة العطار ، حدثنا علي بن خشرم ، حدثنا أبو بكر بن عياش ، عن [دهشم بن فران] عن نمران بن [جارية] ، عن أبيه .

قال أبو بكر : [دهثم] مجهول ، ونمران وأبوه غير معروفين .

وقد روينا عن سعيد بن المسيب أنه قال : كل نافذة في عضو من الأعضاء ، ففيها ثلث عقل ذلك العضو ، وقد روي عنه أنه قال : كل نافذة في عظم ففيها ثلث ذلك - يعني العضو . [ ص: 305 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية