ذكر
اختلاف أهل العلم فيما يلزم العاقلة من الدية
أجمع أهل العلم على أن
دية الخطأ على العاقلة ، وأجمعوا كذلك على أن ما زاد على ثلث الدية على العاقلة .
واختلفوا في الثلث فما دونه فقالت طائفة : الثلث فما دونه في خاصة ماله ، وما زاد فهو على العاقلة . هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري .
وقالت طائفة : ما دون الثلث في مال الجاني ، فإذا بلغت الجناية الثلث فما فوقه فعلى العاقلة . روي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب .
[ ص: 348 ]
وقال
عطاء : إذا بلغ الثلث فهو على العاقلة . وقال
عبيد الله بن عمر : نحن مجتمعون - أو كدنا أن نجتمع - أن ما دون الثلث في ماله خاصة . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك يقول :
إذا بلغت الجناية الثلث فهي على العاقلة ، وما دون الثلث على الجاني في ماله . وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=15136عبد العزيز بن أبي سلمة ،
وعبد الملك بن الماجشون . وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=12427ابن أبي أويس عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك أنه قال في نفر أربعة قتلوا رجلا : على كل رجل منهم ربع الدية تحمل ذلك عنهم العاقلة ، وكذلك لو كانوا عشرة حملت عاقلة كل رجل منهم ما عليه من تلك الدية . وهذا مذهب عبد الملك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وهذا اختلاف من قولهما ، لأنهما قد ألزما العاقلة عشر الدية إذا اجتمعوا على القتل ، وهما ينفيان أن يلحق العاقلة أقل من الثلث ، والعشر أقل من الثلث .
وكان
أحمد يقول : لا تعقل العاقلة ما دون الثلث . ثم قال أحمد في امرأة قتلت وجنينها قال : هذا يكون فيه الدية ، والغرة على العاقلة ، قال : وإن ضربتها فألقت جنينا ولم تمت الأم ، فالغرة في مال التي ضربت . وهذا اختلاف من قوله ، لأن الجناية على الجنين غير الجناية على الأم ، فإذا جعل الغرة على العاقلة في مسألة ، ومنع أن يكون أقل
[ ص: 349 ] من الثلث على العاقلة في غير أمر الغرة فقد أجاب في معنى واحد بجوابين . وحكي عن
يحيى الأنصاري وربيعة أنهما قالا : لا تحمل العاقلة ما دون ثلث الدية .
وقالت طائفة : تعقل العاقلة السن والموضحة فما فوق ذلك ، وما كان دون ذلك ففي مال الجاني .
هذا مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري والنعمان .
وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي أنه قال : لا تعقل العاقلة ما دون الموضحة .
وقال مرة :
الغرة على العاقلة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12418إسحاق بن راهويه : الغرة على العاقلة صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وحكي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=16438ابن شبرمة .
وقالت طائفة :
عقل الخطأ على عاقلة الجاني ، قلت الجناية أم كثرت ، لأن من غرم الأكثر غرم الأقل ، كما عقل العمد في مال الجاني قل أو كثر .
[ ص: 350 ]
هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وحكي هذا القول عن
nindex.php?page=showalam&ids=16542عثمان البتي .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : قال الله : (
ولا تزر وازرة وزر أخرى ) وثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670319 "لا يؤخذ امرؤ بجريرة ابنه ، ولا بجريرة أبيه" .
9589 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد ، قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن عبد الله بن يونس ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش ، عن
مسلم ، عن
مسروق ، عن
عبد الله قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=670319 "لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض ، ولا يؤخذ امرؤ بجريرة أبيه ولا بجريرة (ابنه) " .
[ ص: 351 ]
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : فكان اللازم على ظاهر كتاب الله وأخبار رسول الله أن يلزم الجنايات الجناة ، فلما ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قضى في الدية في الخطأ على العاقلة ، وأجمع أهل العلم على أن ما زاد على ثلث الدية على العاقلة ، وثبت أن نبي الله جعل الغرة على العاقلة دون الجاني والجانية ، وجب القول به ، ووجب أن يستثنى ما أوجبت السنة استثناءه .
9590 - حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15551بكار بن قتيبة ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16102شعبة ، عن
منصور ، عن
إبراهيم ، عن
عبيد بن نضيلة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=19المغيرة بن شعبة nindex.php?page=hadith&LINKID=75801أن امرأتين رمت إحداهما الأخرى بعمود فسطاط فقتلتها ، وألقت جنينا ، فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنين غرة عبد أو أمة ، وجعله على عاقلة المرأة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : فوجب لما ثبت أن نبي الله صلى الله عليه وسلم جعل الغرة على العاقلة أن يستثنى ذلك من جملة ما لزم أن يكون على الجناة مما جنوا ، ويجب أن يكون كل ما اختلف فيه من جناية بعد ذلك على الجاني في ماله .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وقد احتج بعض أصحابنا في هذا الباب بحديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : .
9591 - حدثناه
الصائغ محمد بن إسماعيل ، قال : حدثنا
سعيد بن سليمان ، قال : حدثنا
عباد ، عن
حجاج ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب ، عن
[ ص: 352 ] أبيه ، عن جده ، وعن
الحكم ، عن
مقسم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس nindex.php?page=hadith&LINKID=47946أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار : "أن يعقلوا معاقلهم وأن يفكوا عانيهم بالمعروف وإصلاحا بين المسلمين" .
فاحتج بعض من يميل إلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي بهذا الحديث وقال : قوله "أن يعقلوا معاقلهم" يدخل فيه قليل العقل وكثيره .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12508أبو بكر : وهذا يحتمل معنيين : يحتمل أن يكون أراد العقل كاملا ، ويحتمل بعض العقل ، وإذا احتمل الحديث معنيين لم يجز أن يحمل على أحد المعنيين دون الآخر ، وليس إسناده بالمضيء ، لأن
nindex.php?page=showalam&ids=15689حجاج بن أرطأة كثير التدليس ، وقد تكلم أهل الحديث من حديثه فيما لا يقول من حديثه فيه : حدثنا وأخبرنا . وفي قوله : كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار معناه : أمر بالكتاب يكتب بينهم ، لأنه صلى الله عليه وسلم كان لا يكتب ، وقد ذكرت هذا المعنى في كتاب المناسك عند ذكري اختلاف أهل العلم في حجة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ ص: 353 ]