صفحة جزء
ذكر الوقت الذي تحل فيه دية الخطأ

قال أبو بكر : لم نجد لتنجيم دية الخطأ في كتاب الله [ذكرا] ، ولا في شيء من أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم له وقت تحل فيه ، غير أني سمعت كل من لقيت من أهل العلم ، وعوام من بلغنا عنهم ممن مضى يقولون : يقضى بها في ثلاث سنين ، وأعلى شيء روينا فيه حديث عن عمر غير متصل الإسناد ، ولا ثابت عنه ، وإنما رواه الشعبي عنه أنه جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين [و] النصف في سنتين والثلثين في سنتين ، والثلث في سنة ، فما كان دون ذلك ففي عامه . وقد روينا عن ابن عباس أنه قال : الدية في ثلاث سنين .

9592 - حدثنا علي بن الحسن ، قال : حدثنا عبد الله ، عن سفيان ، عن أشعث ، عن الشعبي أن عمر جعل الدية في الأعطية في ثلاث سنين [و] النصف في سنتين ، والثلثين في سنتين ، والثلث في سنة فما كان دون ذلك ففي عامه . [ ص: 354 ]

9593 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو معمر ، قال : حدثنا هشيم ، قال : أخبرنا الأعمش ، عن سالم ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : الدية في ثلاث سنين .

قال أبو بكر : وقوله : الدية في ثلاث سنين يحتمل دية الخطأ ، ويحتمل غير ذلك ، وقد قال به أحمد بن حنبل إلى أن ذلك في الذي أراد أن ينحر نفسه . وقال أحمد : ثم تركه هشيم بعد .

وممن روينا عنه أنه قال : الدية في ثلاث سنين : النخعي ، والشعبي ، وقتادة ، وأبو مجلز ، وعبيد الله بن [ ص: 355 ] عمر ، وبه قال مالك قال : الثلاث أحب إلي . وهو قول عبد الملك ، وحكى الثوري قول عمر ، وكذلك قال الشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور . وقال الشافعي : أما الخطأ فلا اختلاف بين أحد علمته أن رسول الله قضى بالدية في ثلاث سنين .

قال أبو بكر : وليس عندنا في هذا عن رسول الله حديث ، ولا لقيت أحدا من أصحابنا ذكر ذلك لي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان من لقيته من أهل العلم يذكر في هذا الباب حديث عمر ويقدمه ، ولو كان عندهم في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء لاستغنوا به ، وقد أنكر أحمد بن حنبل - وهو من علم الحديث بمكانة - أن يكون فيه حديث يعرفه . قال إسحاق بن منصور : قلت لأحمد : في كم تعطى الدية ؟ قال : ما أعرف فيه حديثا ، (ولعل الشافعي إنما سمع ذلك من إبراهيم ذاك المديني ، فظن به خيرا) ، وقد ذكرت [ ص: 356 ] خبر إبراهيم ، ومن تكلم فيه من الأئمة وكذبه وقصته في كتاب الطهارة في باب التيمم ضربتين . وقال أحمد بن حنبل : إذا كانت العاقلة تقدر أن تحملها في سنة ، فلا أرى به بأسا ، ويعجبني ذلك . هكذا حكاه إسحاق بن منصور عنه . وحكى الأثرم عنه أنه قال : تؤدى في ثلاث سنين ثم قال : الناس - أي هو قول الناس - وقال قائل : الدية على العاقلة ، والسنة أن من كان عليه مال وله إليه سبيل أن يؤديه إلى أهله ولا أجل له ، فإن كانت العاقلة لا يجحف بها أن تؤدي الدية من عامها أخذ ذلك منها ولم يؤجل ، وإن كان أخذها منهم في عامهم يجحف بهم ، فرقه عليهم في سنتين .

وأجمع أكثر من أحفظ عنه من أهل العلم : أن العاقلة لا تعقل مهر المثل ولا الجنايات على الأموال . إلا العبيد فإنهم اختلفوا فيه ، إلا شيئا روي عن عطاء فإنه سئل عن رجل قتل عبدا خطأ قال : هو على عاقلته ، وإن قتل دابة خطأ فهو على العاقلة . وأبى ذلك عمرو بن دينار وسليمان بن موسى ، وغيرهم من أهل العلم وقالوا : الجناية على دواب الناس في مال الجاني ، وكذلك نقول ، ولا نعلم أحدا وافق عطاء على مقالته . [ ص: 357 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية