صفحة جزء
ذكر جناية من لا عاقلة له

واختلفوا في جناية من لا عاقلة له أو كان معتقا سائبة ، فقالت طائفة : جنايته على نفسه ، وميراثه لبيت المال . هذا قول الحسن .

وقالت طائفة : عقله على بيت المال . هذا قول إسحاق بن راهويه .

وقال الزهري في السائبة : يعقل عنه المسلمون ، ويرثه المسلمون ، ليس مواليه منه في شيء . وكان أحمد بن حنبل يقول : إذا لم يكن له عاقلة لم يجعل في ماله ولكن يهدر عنه .

وقد روينا عن عمر بن الخطاب : أن سائبة أعتقه بعض الحاج كان يلعب هو ورجل من بني عائذ ، فقتل السائبة العائذي ، فجاء أبوه إلى عمر بن الخطاب يطلب بدم ابنه ، فأبى عمر أن (يعطيه) قال : ليس له مال . فقال العائذي : أرأيت لو أني قتلته ؟ قال عمر : إذا تخرجون دية . قال : فهو إذا كالأرقم إن يترك يلقم وإن يقتل ينقم .

9598 - حدثناه إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن سليمان بن يسار أن سائبة أعتقه بعض الحاج . . . [ ص: 368 ]

قال أبو بكر : ثبتت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : "الولاء لمن أعتق" .

9599 - حدثنا ابن عفان ، حدثنا ابن نمير ، عن الأعمش ، عن إبراهيم ، عن الأسود ، عن عائشة في قصة بريرة ، قالت : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "أعتقي فإنما الولاء لمن أعتق" .

قال أبو بكر : وإذا قتل من لا عصبة له وله موال قتل خطأ ، عقل عنه مواليه من فوق كما يرثونه وهذا قول عمر بن عبد العزيز ، وإبراهيم النخعي . وبه قال حماد بن أبي سليمان ، ومالك ، والشافعي .

واختلفوا في المعتق سائبة ، فكان عمر بن عبد العزيز يقول : إذا مات ولم يوال أحدا فميراثه للمؤمنين وهم يعقلون عنه جميعا .

وقال الزهري : يعقل عنه السلطان ويرثه . [ ص: 369 ]

وقال مرة : ميراثه في بيت مال المسلمين هم يرثونه ويعقلون عنه . وقال آخر : ليس له أن يوالي أحدا ، وولاؤه للمسلمين وعقله عليهم . هذا قول مالك .

وقالت طائفة : المعتق سائبة كالمعتق غير سائبة ، ولاؤه لمن أعتقه .

هكذا قال الحسن البصري ، والشعبي ، وابن سيرين ، وراشد بن سعد ، وضمرة بن حبيب ، والشافعي ، وقد ذكرت هذا الباب في كتاب الولاء ، وكذلك أقول ، لدخول السائبة في جملة قول النبي صلى الله عليه وسلم : "الولاء لمن أعتق" .

وكان الشافعي يقول : إذا جنى المسلم جناية خطأ ، لزم ذلك عاقلته من المسلمين ، ولا يعقل عنه أهل الذمة . وكذلك قال أبو ثور : أن المسلم لا يعقل على الكافر ، ولا الكافر على المسلم . وحكي ذلك عن الكوفي .

قال أبو بكر : وإذا قتل الحر الذمي خطأ لزم ذلك عاقلته . وهذا قول الشافعي وأبي ثور . [ ص: 370 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية