صفحة جزء
ذكر سن الغرة التي يجب قبولها في الجنين ومبلغ قيمتها

اختلف أهل العلم في الغرة التي يجب قبولها في الجنين الذي سقط [ ص: 374 ] ميتا فقالت طائفة : قيمتها خمسون دينارا . وقال بعضهم : خمسمائة درهم .

وقصد الفريقان فيما ذكرنا نصف عشر الدية .

وروينا عن عمر بن الخطاب - بإسناد منقطع لا يثبت - أنه أقام الغرة خمسين دينارا . وهكذا قال قتادة ، وابن شبرمة ، وعبد العزيز بن أبي سلمة .

وقال الشعبي ، خمسمائة درهم . وقال ربيعة بن أبي عبد الرحمن ومالك بن أنس : خمسون دينارا أو ستمائة درهم .

وكان الشافعي يقول : قيمة الغرة نصف عشر دية رجل مسلم ، وذلك العمد ، وعمد الخطأ : خمس من الإبل : خمساها وهو بعيران قيمة خلفتين أقل الخلفات ، وثلاثة أخماسها وهو قيمة ثلاث جذاع ، وحقاق نصفين من إبل عاقلة الجاني .

وقال أحمد وإسحاق : قيمتها نصف العشر من دية الأب وهو العشر من دية الأم . [ ص: 375 ]

وقال أبو ثور : على العاقلة أن يعطوا من أي جنس شاؤوا ولا يعطون خصيا وإن كان أكثر ثمنا ، ويعطون ابن سبع أو ثمان .

وقال أصحاب الرأي : غرة عبد أو أمة يعدل بخمسمائة .

قال أبو بكر : فقصد من ذكرت فيما قالوه نصف عشر الدية ، وإن اختلفت ألفاظهم ، لأن أهل المدينة يرون أن الدية من الفضة اثني عشر ألف درهم ، فكذلك جعلوا قيمة الغرة ستمائة درهم ، وأهل الكوفة يرون أن الدية من الفضة عشرة آلاف درهم ، فكذلك جعلوا عشرها خمسمائة درهم ، ولم يختلف أهل الكوفة وأهل المدينة أن الدية من الذهب ألف دينار ، فلذلك لم يختلفوا في أن على أهل الذهب خمسين دينارا . وقد روينا في قيمة الغرة أقاويل سوى ذلك : فمنهم من قال : قيمة الغرة أربعمائة درهم . روي هذا القول عن حبيب بن أبي ثابت وقال طاوس ومجاهد : الغرة عبد أو أمة أو فرس . وكذلك قال عروة بن الزبير .

قال أبو بكر : ولعل من حجة من قال بهذا القول حديث روي عن أبي هريرة . [ ص: 376 ]

9605 - حدثنا [أبو] يعقوب يوسف بن موسى ، حدثنا علي بن خشرم قال : حدثنا عيسى بن يونس ، عن محمد بن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن أبي هريرة قال : قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنين بغرة عبد ، أو أمة ، أو فرس ، أو بغل .

قال أبو بكر : وأنا أخشى أن يكون زيادة الفرس والبغل غلطا من عيسى بن يونس ، لأن حديث أبي هريرة قد رواه الحفاظ فلم يذكر أحد منهم في حديثه الفرس والبغل ، وقد غلط عيسى بن يونس في غير شيء ، ولو ثبتت هذه الزيادة التي قالها عيسى لوجب القول بها .

وقال بعضهم : غرة عبد أو أمة أو مائة شاة .

كذلك قال محمد بن سيرين . [ ص: 377 ]

وروينا عن الشعبي ، أنه قال : قيمة الغرة مائة من الغنم .

وكان الحسن البصري يقول : في الغرة عبد ، أو أمة ، أو عشرون ومائة من الشاة .

وقد روينا عن عبد الملك بن مروان أنه قضى في الجنين إذا ملص بعشرين دينارا ، فإذا كان مضغة فأربعين ، فإذا كان عظما فستين ، وإذا كان العظم قد كسي لحما فثمانين ، فإن تم خلقه ونبت شعره فمائة دينار . قال : وبلغني أن عليا قضى بمثل ذلك . وقال قتادة : إذا كان مضغة فثلثي غرة ، وإن كانت علقة فثلث .

قال أبو بكر : فأما مالك بن أنس ، وسفيان الثوري ، والشافعي وكثير من أهل العلم ، فإنهم يقولون : إذا استبان خلقه وعلم أنه ولد وجبت فيه الغرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية