صفحة جزء
ذكر الصفة التي بها يستحق اسم الحياة

واختلفوا في المعنى الذي به يستحق اسم الحياة .

فقالت طائفة : لا يكمل له الدية حتى يستهل صارخا .

هذا قول شريح ، والزهري ، وقتادة . [ ص: 382 ]

وقال قتادة : لو خرج تاما فمكث الروح يجري فيه ثلاثا ، ما ورثته حتى يستهل .

وقال ابن عباس ، والنخعي ، والقاسم بن محمد : الاستهلال الصياح .

وكان الزهري يقول : أرى العطاس استهلالا .

وممن قال بأن حكم الحياة لا يقع إلا بالاستهلال : مالك بن أنس . وقال أحمد وإسحاق : إذا خرج فاستهل ففيه الدية .

وقد روينا عن عمر بن الخطاب أنه كان يفرض للصبي إذا استهل .

وروينا عن ابن الزبير أنه سأل حسين بن علي عن المولود يولد في الإسلام قال : إذا استهل وجب عطاؤه ورزقه . وقال جابر بن عبد الله : يرث إذا سمع صوته .

وروينا عن ابن عباس أنه قال : إذا استهل الصبي ورث وورث .

قال أبو بكر : وفيه قول ثان : وهو أن حياة المولود إذا عرفت [ ص: 383 ] بتحريك ، أو صياح ، أو رضاع ، أو نفس ، كانت أحكامه أحكام الحي .

هكذا قال الشافعي .

وقال سفيان الثوري ، والأوزاعي في مولود ولد حيا ولم يستهل قالا : إذا كان حيا صلي عليه وإن لم يستهل .

وقد روينا عن زيد بن ثابت بإسناد لا يثبت أنه قال في السقط يقع فيتحرك قال : كملت ديته استهل أو لم يستهل .

وقال قائل : هذا الذي قاله الثوري والأوزاعي والشافعي يحتمل النظر ، لأن المعنى في الاستهلال أن تعرف حياته ، فإذا عرفت حياته بغير الاستهلال وجب أن يحكم له بحكم الاستهلال ، لأنهم قد أجمعوا أن ميراثه يجب باستهلاله لولا حديث ثابت عن رسول الله مخرجه [مخرج] الأخبار لا يجوز عليه النسخ ولا التبديل وهو خارج من باب الأمر والنهي .

9607 - حدثنا يحيى قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا عبد الواحد ، حدثنا معمر ، عن الزهري ، عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "ما من مولود يولد إلا مسه الشيطان فيستهل صارخا من مسه إلا مريم بنت عمران وابنها" . قال : "إن شئتم قرأتم : [ ص: 384 ] ( وإني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ) " .

قال هذا القائل : فنفى النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون مولود يولد إلا استهل صارخا ، إلا ابن مريم وأمه ، قال : وهذا لا يجوز أن يكون غير ما قال : قال : وقصد أصحاب رسول الله إلى الاستهلال دون سائر ما تعرف به الحياة دليل على أن الحياة لا تعرف إلا به . والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية