صفحة جزء
ذكر جناية المدبر

اختلف أهل العلم في جناية المدبر .

فقالت طائفة : المدبر عبد ، وجنايته كجناية سائر العبيد . هذا قول الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور . [ ص: 407 ]

قال أبو بكر : وبهذا نقول . وذلك للثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه باع مدبرا .

9614 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن الثوري ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : أعتق أبو مذكور غلاما له يقال له : يعقوب القبطي عن دبر منه ، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال : "أله مال غيره ؟ " قالوا : لا . قال : "من يشتريه مني ؟ " قال : فاشتراه نعيم بن النحام ختن عمر بن الخطاب بثمانمائة . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : "أنفق على نفسك ، فإن كان لك فضل فعلى أهلك ، فإن كان فضل فعلى أقاربك ، وإن كان فضل فاقسم هاهنا وهاهنا وهاهنا" .

وقالت طائفة : جناية المدبر على مولاه .

روينا هذا القول عن [ أبي] عبيدة بن الجراح ، وعمر بن عبد العزيز .

9615 - حدثنا موسى ، حدثنا أبو بكر حدثنا وكيع ، عن ابن أبي ذئب ، عن ابن لمحمد بن إبراهيم التيمي ، عن أبيه ، عن السلولي ، عن معاذ بن جبل ، عن أبي عبيدة بن الجراح قال : جناية المدبر على مولاه .

وبه قال النخعي ، وحماد بن أبي سليمان ، وسفيان الثوري ، قال الثوري : على مولاه يضمن قيمته ، وحكى الفريابي عن الثوري أنه [ ص: 408 ] سئل عن مدبر خرق ثوبا ، قال : هو دين عليه .

روينا عن الشعبي أنه قال : جناية المدبر وأم الولد على عاقلة مواليهما .

وقال أصحاب الرأي : إذا قتل المدبر رجلا خطأ فإن على مولاه قيمته يوم قتل مدبرا لأولياء القتيل ، ولا يكون على المدبر من ذلك شيء ، لأنه حال بينهم وبين العبد بالتدبير ، فإن جنى المدبر جناية فقتل رجلا آخر خطأ فإنهم يشتركون في تلك القيمة الأولى ، ولا يكون على المولى شيء بعد القيمة الأولى ، ودفعه القيمة الأولى بمنزلة دفعه العبد بالجناية .

وفيه قول ثالث : قاله مالك ، قال مالك في المدبر : إذا جرح وله مال فأبى سيده أن يفديه أخذ المجروح مال المدبر في دية جرحه ، فإن كان فيه وفاء رجع المدبر إلى سيده ، وإن لم يكن فيه وفاء استعمل المدبر بما بقي له من جرحه ، وقال مالك في مدبر جرح رجلا فأسلم إليه فاستخدمه أياما ثم جرح رجلا آخر يتحاصان في خدمته ، وقال مالك في المدبر يقتل : لسيده قيمته [يوم] قتل .

قال أبو بكر : المدبر عبد ، أحكامه أحكام العبيد ، جرح أو جرح . [ ص: 409 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية