صفحة جزء
ذكر اختلاف أهل العلم في وجوب القود بالقسامة

اختلف أهل العلم في وجوب القود بالقسامة .

فقالت طائفة : القسامة توجب القود . فممن رأى أن القسامة توجب القود : عبد الله بن الزبير ، وعمر بن عبد العزيز .

9625 - حدثنا علي بن عبد العزيز قال : حدثنا حجاج بن منهال قال : حدثنا حماد قال : أخبرنا عبد الله بن أبي مليكة قال : سألني عمر بن عبد العزيز عن القسامة فأخبرته أن عبد الله بن الزبير أقاد بها ، وأن معاوية لم يقد بها ، وزعم أن عمر بن عبد العزيز أقاد بها في إمارته على المدينة . [ ص: 425 ]

وذكر الليث بن سعد أن هشام بن عبد الملك قتل بالقسامة بمصر . وبه قال مالك ، وأحمد بن حنبل ، وأبو ثور ، وحكي هذا القول عن ربيعة ، ويحيى بن سعيد ، وأبي الزناد ، والليث بن سعد .

وفيه قول ثان : وهو أن القسامة توجب الدية ولا يقاد بها . روينا هذا القول عن ابن عباس ، ومعاوية بن أبي سفيان .

9626 - حدثنا محمد بن نصر قال : حدثنا سعدان بن نصر قال : حدثنا معمر ، عن حجاج ، عن قابوس ، عن أبيه ، عن ابن عباس قال : لا يقاد بالقسامة .

وبه قال الحسن البصري ، وإبراهيم النخعي ، والثوري ، والشافعي ، وإسحاق بن راهويه ، والنعمان ، وأصحابه .

قال أبو بكر : احتج الفريقان جميعا الذين أوجبوا القود بالقسامة ، والذين قالوا : لا قود فيها من أصحابنا خاصة أهل الحجاز منهم [ ص: 426 ] وغيرهم بحديث سهل بن أبي حثمة ، واحتج الذين أوجبوا القود بقول النبي صلى الله عليه وسلم : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" ، قال بعضهم : والدليل على هذا أنهم لما كانوا ادعوا قتل عمد لا قتل خطأ ، والذي يجب على قاتل العمد القود أو الدية أي ذلك اختار ولي القتيل في قول من جعل أولياء القتيل بين خيرتين ، واحتج بعض من دفع القود بالقسامة وأوجب الدية بأن الأخبار لما اختلفت ألفاظها فكان في بعضها : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" ، فقوله : صاحبكم يحتمل أن يكون عنى المقتول فإن كان غير ذلك فقد يستحق دم المقتول بالقود ويستحق بالدية ، واحتج آخر بقوله : "إما أن تدوا صاحبكم" ، وقد أجاب عن هذا القول بعض من يوجب القود بالقسامة فقال : هذا الكلام كلام قبل خروج الحكم وحضور الخصم ، والكلام الذي يعتمد عليه الذي فيه ذكر الحكم قوله للأنصار : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم ، وقوله : "إما أن تدوا صاحبكم" يحتمل أن يكون أراد : إن اخترتم الدية ، وقوله : "من قتل له قتيل فأهله بين خيرتين" ، مع قوله : "تحلفون وتستحقون دم صاحبكم" يدل على صحة هذا الكلام ، لأن أخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم يبين بعضها بعضا ، ويشهد بعضها لبعض .

التالي السابق


الخدمات العلمية