صفحة جزء
ذكر صفة اليمين في القسامة :

ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغير الله ، وأجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم على أن من حلف بالله على الشيء يفعله أو لا يفعله أنه حالف . واختلفوا في كيفية اليمين في القسامة .

فقالت طائفة : اليمين في القسامة : والله الذي لا إله إلا هو ، لهو [ ص: 448 ] ضربه ، ومن ضربه مات . هكذا قال مالك بن أنس .

وقيل لمالك : لا نرى أن يزاد في اليمين : عالم الغيب والشهادة ؟ قال : ولا أرى أن يستحلف السلطان بذلك .

وقال الشافعي : وإذا وجبت لرجل قسامة حلف بالله الذي لا إله إلا هو عالم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لقد قتل فلان فلانا منفردا بقتله ما شركه في قتله غيره ، وقد قال الشافعي في كتاب اليمين مع الشاهد : وإذا حلف الرجل على حق نفسه بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب والشهادة والرحمن الرحيم ، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، أن ما شهد به شاهدي فلان ابن فلان عليك لحق .

وقال النعمان : يحلف بالله الذي لا إله إلا (هو) ، فإن اتهمه القاضي غلظ عليه اليمين فقال : والذي لا إله إلا هو ، عالم الغيب والشهادة ، الرحمن الرحيم ، الذي يعلم من السر ما يعلم من العلانية ، الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .

وقال الليث بن سعد : يحلف بالله ما قتلت ولا علمت قاتلا .

9631 - وقد روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم حدثناه علي بن عبد العزيز ، قال : حدثنا عبد الله بن رجاء ، قال : حدثنا إسرائيل ، عن أبي إسحاق ، عن أبي [ ص: 449 ] عبيدة ، عن عبد الله قال : انتهيت إلى أبي جهل يوم بدر . . . . وذكر الحديث ، قال : فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له : قتل الله أبا جهل . فقال : "والله الذي لا إله إلا هو" - ثلاث مرات - فقلت : والله الذي لا إله إلا هو ، ثلاث مرات . . . . وذكر باقي الحديث .

قال أبو بكر : هذا لا يثبت ، لأن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه .

قال أبو بكر : والذي يجب أن يستحلف به المدعى عليه بالله ، أو يقول له المستحلف (بالله) ، ولو استحلفه الحاكم بالله الذي لا إله إلا هو كان مذهبا ، لأن ذكره في حديث أبي موسى ، والاقتصار على الاستحلاف بالله أحب إلي إلا أن يثبت حديث أبي موسى فلا يكون في القلب إذا استحلف على ما في حديث أبي موسى شيء . والله أعلم .

واختلف مالك والشافعي في الأيمان تكون فيها الكسور .

فقال مالك : إذا قسمت بينهم نظر إلى الذي يكون عليه أكثر تلك اليمين فتجبر عليه تلك اليمين . [ ص: 450 ]

وقال الشافعي : في الميت يخلف ثلاث بنين فتكون حصة كل واحد منهم سبعة عشر يمينا إلا ثلثا ، فلا يجوز في اليمين كسر من وقع عليه أو له كسر يمين جبرها ، وسواء كانت زوجة أو غير زوجة يجبر الكسور في مذهبه على كل من وقع عليه كسر يمين .

التالي السابق


الخدمات العلمية