صفحة جزء
ذكر النصرانيين يسلم أحدهما

اختلف أهل العلم في النصرانيين يسلم أحدهما ولهم أولاد لم يبلغوا .

فقالت طائفة : يكونون لأبيهم نصرانيا كان أو مسلما ، إن كانت أمهم مسلمة . هذا قول مالك ، وقال ابن القاسم في المرأة تسلم ولها أولاد صغار والزوج كافر ، قال مالك : الولد على دين الأب .

وفيه قول ثان : وهو أن المشركين إذا كان لهما ولد فأي الأبوين أسلم فكل من لم يبلغ من الولد تبع للمسلم ، يصلى عليه إذا مات ويرثه المسلم ، فأما أن يقال : الولد للأب ، فأين حظ الأم منه ؟ ولو اتبع الأم دون الأب كما يتبعها في الرق والعتق كان أولى أن يغلط إليه من أن يقال هو للأب ، وإن كان الدين ليس من معنى الرق . هذا قول الشافعي .

وقال أحمد بن حنبل في يهودية أسلمت ولها ابن صغير : يجبر على الإسلام ما لم يبلغ .

قلت : إذا أسلم أحد أبويه وهو صغير قال : يكون مسلما .

وفيه قول ثالث : قاله الثوري ، قال في الصبي يسلم أحد أبويه : إذا بلغ فهو بالخيار ، إن شاء دين أمه ، وإن شاء دين أبيه . [ ص: 476 ]

وفيه قول رابع : قاله أصحاب الرأي ، قالوا في الغلام إذا ولد على الإسلام أو أسلم أبواه أو أحدهما وهو صغير ثم أدرك فأبى الإسلام ، فإن كان وصف الإسلام ودخل فيه بعدما أدرك استتيب ، فإن أسلم وإلا قتل ، وإن هو لم يصف الإسلام بعدما يدرك أجبر على الإسلام ، ولم يقتل ، ويصنع به في الإجبار كما يصنع بالمرأة . وحكى المزني عن زفر أنه قال في صبي ابن عشر سنين تحته امرأة مسلمة ارتد عن الإسلام قال : لا تبين منه امرأته ، وردته ليست بردة . وقال يعقوب : ردته ردة ، وقد بانت منه امرأته . قال الشافعي كقول زفر ، وبه قال المزني . وقال النعمان : ارتداد الصبي الذي يعقل ارتداد ، إلا أنه لا يقتل ، ويجبر على الإسلام ، وإسلامه إسلام ، ولا يورث أبويه إن كانا كافرين ، وهذا قول النعمان ومحمد .

وقال يعقوب : ارتداده [ليس] [ارتدادا] ، وإسلامه إسلام .

وقال الليث بن سعد في النصراني يسلم وله ولد قد بلغ عشر سنين فغفل عن أمره حتى احتلم ، قال الليث : يكرهون على الإسلام ويؤدبون ، ويرفق بهم فيه ، ويشتد عليهم ، فإن أبوا إلا العقوبة عوقبوا وحبسوا في السجن أبدا حتى يرجعوا إلى الإسلام ، ولا يقتلون ، وإن أبوا إلا الكفر ، لأنهم لم يكونوا أسلموا ثم كفروا ، وبه قال ابن وهب . [ ص: 477 ]

وقال الأوزاعي في رجل أسلم وله أولاد صغار : يتركهم على النصرانية حتى يدركوا ثم يرادوا على الإسلام فيأبون الإسلام وينكرونه ، قال الأوزاعي : إنما يقتل المرتدين عن الإسلام ، وأما الأطفال أدبوا على صيغة الكفر حتى أدركوا ، ثم لم يكونوا على الإسلام ساعة من نهار ، فإنما يسرف عليهم بالوعيد وببعض الامتحان والحبس حتى يعذر فيهم ، فإن أبوا أن يسلموا تركوا ، ويرثهم أولياؤهم من أهل دينهم .

وقال الأوزاعي في الصغير لم [يبلغ] الحلم يسلم ويصلي ويقيم شهورا أو سنينا وأياما على الإسلام ثم يرجع ، أيترك في ذلك أم يؤدب ويضرب على الإسلام ؟ قال : يؤدب ويضرب على الإسلام ، ويحجب عنه أهل الكفر ، فإن أبى خلي سبيله ، وإن كان أدرك حتى أسلم وهو على الإسلام استتيب فإن أبى أن يرجع قتل .

وقيل لأحمد بن حنبل : ابن عشر أسلم ، قال : أما أنا فأجيزه على الإسلام ، لأنه يؤمر بالصلاة في العشر .

قال إسحاق : كذا هو ، وكذلك إذا بلغ ابن سبع سنين .

التالي السابق


الخدمات العلمية