صفحة جزء
ذكر ما يجب على من سب النبي صلى الله عليه وسلم

أجمع عوام أهل العلم على أن على من سب رسول الله صلى الله عليه وسلم القتل : وممن قال ذلك : مالك بن أنس ، والليث بن سعد ، وأحمد بن حنبل ، وإسحاق بن راهويه ، وهو على مذهب الشافعي ، لأنه ذكر في الكتاب الذي يكتبه الإمام على أهل الجزية : وعلى أن من ذكر محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أو كتاب الله ، أو دينه بما لا ينبغي أن يذكر به ، فقد برئت منه ذمة الله ، ثم ذمة أمير المؤمنين وجميع المسلمين ، وحل لأمير المؤمنين ماله ودمه . وقال مالك : ومن شتم النبي صلى الله عليه وسلم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم . وقيل لابن القاسم : [من شتم الأنبياء ؟ قال : سمعت من مالك] : من شتم النبي صلى الله عليه وسلم فأرى أن يقتل ، ومن شتم الأنبياء من المسلمين فلا يستتاب ، ومن شتمهم من اليهود والنصارى قتل إلا أن يسلم . وحكي عن النعمان أنه قال في الذمي يشتم النبي صلى الله عليه وسلم : لا يقتل ، ما هم عليه من الشرك أعظم . [ ص: 484 ]

قال أبو بكر : ومما يحتج به في هذا الباب قصة كعب بن الأشرف ، وخبر أبي برزة عن أبي بكر الصديق .

9652 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ وعبد الله بن أحمد ، قالا : حدثنا الحميدي ، قال : حدثنا سفيان ، قال : حدثنا عمرو بن دينار ، قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : قال النبي : "من لكعب بن الأشرف ، فإنه قد آذى الله ورسوله" ، قال محمد بن مسلمة : يا رسول الله ، أتحب أن أقتله ؟ قال : "نعم ، قال : فأذن لي أن أقول . قال : فأذن له ، فأتى محمد بن مسلمة كعبا فقال : إن هذا الرجل قد طلب منا صدقة وعنانا ، وقد جئت أستقرضك . فقال أيضا : والله لتملنه . فقال محمد بن مسلمة : إنا قد تبعناه فنكره أن نتركه حتى ننظر إلى أي شيء يصير أمره . قال : ارهنوني . قالوا : أي شيء نرهنك ؟ قال : ارهنوني أبناءكم . قال : محمد بن مسلمة : يسب ابن أحدنا فيسب يقال رهينة وسقين من تمر . قال : فنساءكم .

قال : أنت أجمل العرب فنرهنك نساءنا! ولكن نرهنك اللأمة . قال : نعم . قال : فوعده أن نجئه - وكانوا أربعة سمى عمرو اثنين : محمد بن مسلمة ، وأبو نائلة ، وسمى العبسي عن عكرمة الآخرين : عباد بن بشر ، وأبو عبس بن جبر ، والحارث بن معاذ - قال : فناداه ونزل وهو متوشح ينفح منه ريح الطيب ، فقالوا : ما رأينا كالليلة أطيب ريحا . فقال : عندي [فلانة] أعطر نساء العرب . فقال محمد : أتأذن لي أن أشم ؟ قال : شم . قال : ثم قال : ائذن لي أن أعود . قال : عد . قال : فعاد ، فتشبث برأسه فقال : اضربوه ، فضربوه حتى قتلوه
. [ ص: 485 ]

9653 - حدثنا محمد بن إسماعيل الصائغ ، قال : حدثنا يعلى ، قال : حدثنا الأعمش ، عن عمرو بن مرة ، عن أبي البختري ، عن أبي برزة ، قال : مررت بأبي بكر وهو يتغيظ على رجل من أصحابه ، فقلت : يا خليفة رسول الله ، من هذا الذي تغيظ عليه ؟ قال : ولم تسأل ؟ قلت : أضرب عنقه . قال : فوالله لأذهب عظم كلمتي غضبه . قال : ما كانت [لأحد] بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال أحمد بن حنبل في معنى هذا الحديث : أي لم يكن لأبي بكر أن يقتل رجلا إلا بإحدى ثلاث ، والنبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يقتل .

9654 - حدثنا محمد بن إسماعيل بن أبان المقرئ ، قال : حدثنا [ ص: 486 ] المخرمي ، قال : حدثني أبو نعيم ، قال : حدثنا عبد السلام بن حرب ، عن حصين ، عن مجاهد ، قال : قيل لابن عمر ، إن رجلا سب النبي صلى الله عليه وسلم . قال : لو سمعته لقتلته ، ما صالحناهم على سب نبينا .

التالي السابق


الخدمات العلمية