صفحة جزء
ذكر استتابة القدرية وسائر أهل البدع

واختلفوا في استتابة أهل البدع مثل القدرية والإباضية .

فكان مالك بن أنس يقول في الإباضية والحرورية وأهل الأهواء كلهم : أرى أن يستتابوا فإن تابوا وإلا قتلوا ، وحكى ابن القاسم عن مالك أنه قال في القدرية والإباضية : لا يصلى على موتاهم ، ولا تتبع جنائزهم ، ولا يعاد مريضهم .

وقال مالك في القدرية : يستتابون ، يقال لهم : اتركوا ما أنتم عليه فإن فعلوا وإلا قتلوا ، وكذلك الجواب في الإباضية .

وقال ابن القاسم : هذا قول مالك في الإباضية ، وفي سائر أهل البدع .

وقد روينا عن عمر بن عبد العزيز أن قائلا قال له في القدرية : يستتيبهم أو يعرضهم على السيف قال : ذاك رأيي .

وأما الشافعي فكان يذم الكلام ذما شديدا غير أنه لا يرى أن يستتاب [ ص: 519 ] القدري ، لأني سمعت الربيع : سمعت الشافعي يقول : كان إبراهيم بن أبي يحيى قدريا وقد روى عنه الشافعي ، وسمعت الربيع يقول : نزل الشافعي فرأى جماعة يتكلمون في الكلام فقال : إما أن تجالسونا بخير ، وإما أن تنصرفوا عنا ، أو كلاما هذا معناه . قال : وسمعت الشافعي يقول : لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء ، وللشافعي في هذا الباب حكايات هي مذكورة في غير هذا الموضع .

وقال شبابة وأبو النضر هاشم بن القاسم أن المريسي كافر جاحد يستتاب ، فإن تاب وإلا ضربت عنقه . [ ص: 520 ]

وقال يزيد بن هارون : جهم كافر ، قتله سلم بن أحوز بأصبهان على هذا القول .

وقال عبد الرحمن بن مهدي : ما كنت لأعرض أحدا من أهل الأهواء على السيف إلا الجهمية ، فإنهم يقولون قولا منكرا .

وقيل للثوري : رجل يكذب بالقدر أصلي وراءه ؟ قال : لا تقدموه .

وقال أحمد بن حنبل في المرجئ : إذا كان داعيا : لا يصلى خلفه ، وقال فيمن صلى خلف [جهمي] يعيد ، وكذلك الرافضي . ورد شريك شهادة أبي يوسف وقال : [ألا] أرد شهادة قوم يزعمون أن الصلاة ليست من الإيمان ؟ ! . [ ص: 521 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية