صفحة جزء
ذكر السفر الذي للمسافر قصر الصلاة فيه

أجمع أهل العلم لا اختلاف بينهم على أن لمن سافر سفرا يقصر في مثله الصلاة، وكان سفره في حج، أو عمرة ، أو غزو أن له أن يقصر الصلاة ما دام مسافرا.

واختلفوا فيمن خرج لمباح؛ لتجارة، أو مطالعة مال، أو ما أبيح له الخروج إليه، فقال أكثر من نحفظ عنه من علماء الأمصار: له إذا خرج إلى ما أبيح له أن يقصر الصلاة، هذا قول الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبي ثور ، وهو مذهب أهل المدينة ، وأهل الكوفة، وعوام أهل العلم من علماء الأمصار. [ ص: 397 ]

وقد روينا عن علي بن أبي طالب ، أنه خرج إلى صفين فصلى ركعتين بين القنطرة والجسر، وخرج ابن عباس إلى الطائف فقصر الصلاة، وقال نافع : خرج ابن عمر إلى مال له يطالعه بخيبر فقصر الصلاة، فليس الآن حج، ولا عمرة ولا غزو.

2243 - حدثنا علي بن الحسن ، قال: نا عبد الله بن الوليد ، عن سفيان ، قال: حدثني أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد الفائشي، قال: "خرجنا مع علي بن أبي طالب إلى صفين ، فصلى ركعتين بين القنطرة والجسر".

2244 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، عن عطاء ، عن ابن عباس : "أنه خرج إلى الطائف فقصر الصلاة".

2245 - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن ابن جريج ، قال: أخبرني نافع ، أن ابن عمر : "كان يقصر الصلاة إلى مال له بخيبر يطالعه، فليس الآن حج ولا عمرة ولا غزو". [ ص: 398 ]

2245 م - حدثنا إسحاق ، عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن الزهري ، قال: أخبرنا سالم، أن ابن عمر : " اشترى من رجل، - قال: أحسبه ناقة - فخرج ينظر إليها فقصر الصلاة ".

وفيه قول ثان: قال عبد الله بن مسعود : لا يقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد. وروينا عن عمران بن حصين قال: إنما يقصر الصلاة من كان شاخصا أو بحضرة عدو.

2246 - حدثنا يحيى بن محمد ، قال: ثنا أبو عمر ، قال: ثنا شعبة ، عن الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن الأسود ، قال: "كان عبد الله : لا يرى التقصير إلا على حاج أو مجاهد ".

2247 - حدثنا محمد بن علي ، ثنا سعيد قال ثنا أبو معاوية ، ثنا الأعمش ، عن عمارة بن عمير ، عن عبد الرحمن بن يزيد ، قال: قال عبد الله : "لا تقصر الصلاة إلا في حج أو جهاد".

2248 - حدثنا علي بن عبد العزيز ، ثنا حجاج ، ثنا حماد، عن أيوب ، عن أبي قلابة ، عن أبي المهلب ، أن عثمان بن عفان : "كتب أنه بلغني أن رجالا، يخرجون إما لجباية وإما لتجارة، وإما [ ص: 399 ] لجشر، ثم لا يتمون الصلاة، فلا تفعلوا ذلك فإنما يقصر الصلاة من كان شاخصا، أو بحضرة عدو".

وقال عطاء : أرى أن لا تقصر الصلاة إلا في سبيل من سبل الخير، من أجل أن إمام المتقين لم يقصر الصلاة إلا في سبيل من سبل الخير؛ حج، أو عمرة ، أو غزو، والأئمة بعده، أيهم كان يضرب في الأرض يبتغي الدنيا؟ وقد كان قبل لا يقول بهذا القول، يقول: يقصر في كل ذلك.

واختلفوا فيمن سافر في معصية الله، ففي قول الشافعي ، وأحمد : عليه أن يتم، وليس له أن يقصر ما دام في سفره، قال الشافعي : وذلك في مثل أن يخرج باغيا على مسلم أو معاهد، أو يقطع طريقا، أو بما في هذا المعنى، قال: ولا يمسح على الخفين، ولا يجمع الصلاة، ولا يصلي نافلة إلى غير القبلة مسافرا في معصية. [ ص: 400 ]

وكان الأوزاعي يقول في الرجل يخرج في بعثة إلى بعض المسلمين: يقصر الصلاة، ويفطر في شهر رمضان في مسيره، وافق ذلك طاعة أو معصية.

وحكي عن النعمان أنه قال: المسافر يقصر في حلال خرج أو في حرام.

التالي السابق


الخدمات العلمية