صفحة جزء
4718 - أخبرنا أبو عبد الله قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: "حالي إماما يقاربه حال رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال: فأين افتراق حالكما في الصلاة، والإمامة؟.

4719 - فقلت له: "إن الله جل ثناؤه، كان ينزل فرائضه على رسوله صلى الله عليه وسلم، فرضا بعد فرض، فيفرض عليه، ما لم يكن فرضه، ويخفف عنه بعض ما فرضه؟".

4720 - قال: أجل، قلت: "ولا نشك نحن، ولا أنت، ولا مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم ينصرف، إلا وهو يرى، أن قد أكمل الصلاة" قال: أجل.

4721 - قلت: "ولما فعل لم يدر ذو اليدين، أقصرت الصلاة بحادث من الله، أم نسي النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك بينا في مسألته؟" قال: أجل، قلت: "ولم يقبل من ذي اليدين، إذ سأل غيره" قال: أجل .

[ ص: 312 ] 4722 - قلت: " ولما سأل غيره، احتمل أن يكون سأل من لم يسمع كلامه، فيكون مثله، واحتمل أن يكون سأل من سمع كلامه، ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم، رد عليه، فلما لم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم، رد عليه، كان في معنى ذي اليدين، من أنه لم يستدل للنبي صلى الله عليه وسلم، بقول: "ولم يدر أقصرت الصلاة، أم نسي النبي صلى الله عليه وسلم"، فأجابه، ومعناه معنى ذي اليدين، مع أن الفرض عليهم جوابه؟ ".

4723 - قال الشافعي: "ألا ترى أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما أخبروه، فقبل قولهم، ولم يتكلم، ولم يتكلموا، حتى بنوا على صلاتهم، فلما قبض الله تبارك وتعالى رسوله صلى الله عليه وسلم تناهت فرائضه، فلا يزاد فيها، ولا ينقص منها أبدا" قال: نعم.

4724 - فقلت له: "هذا فرق بيننا، وبينه"، فقال من حضره: فرق بين لا يرده عالم لبيانه، ووضوحه، فعارضه هذا السائل، فيما بين ذلك بحديث معاوية بن الحكم السلمي، فاحتج به الشافعي في كلام الجاهل، فإنه تكلم، وهو جاهل بأن الكلام غير محرم في الصلاة، ولم يحك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بإعادة، فهو في هذا مثل معنى حديث ذي اليدين، أو أكثر، لأنه تكلم عامدا للكلام في حديثه، إلا أنه حكى أنه تكلم، وهو جاهل أن الكلام لا يكون محرما في الصلاة.

4725 - وأما قوله: "إن الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام بني آدم"، فهو مثل حديث ابن مسعود غير مخالف حديث ذي اليدين.

4726 - قال: "ووجهه ما ذكرت يعني من ورودهما في كلام العمد مع العلم، وحديث ذي اليدين في كلام السهو".

4727 - قال الشيخ أحمد: وقد روينا في الحديث الثابت عن أبي سعيد بن المعلى: أن النبي صلى الله عليه وسلم، دعاه وهو يصلي، فلما قضى أتاه، فقال: "ما منعك أن تجيبني إذ دعوتك؟" قال: إني كنت أصلي، فقال: " ألم يقل الله عز وجل: ( يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم ) [ ص: 313 ] أخبرناه أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس هو الأصم قال: حدثنا إبراهيم بن مرزوق قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا شعبة، عن حبيب بن عبد الرحمن، عن حفص بن عاصم، عن أبي سعيد بن المعلى الأنصاري فذكره، وقال: ثم قال: "ألا أعلمك أعظم سورة في القرآن" قال: فكأنه نسيها، أو نسي، قلت: يا رسول الله الذي قلت لي؟ قال: "الحمد لله رب العالمين، هي السبع المثاني، والقرآن العظيم الذي أوتيته". أخرجه البخاري، من أوجه عن شعبة.

4728 - وروي ذلك أيضا في حديث أبي بن كعب.

4729 - وفيه تأكيد ما قال الشافعي: في فرض جوابه، إذ سألهم، وإن كانوا في الصلاة.

4730 - وذكر الشافعي في حكايته مذهب الحجازيين في الكلام الذي يكون من صلاح الصلاة، ما روي في ذلك عن عبد الله بن الزبير.

4731 - وذلك فيما أخبرناه أبو عبد الله الحافظ، وأبو سعيد بن أبي عمرو قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا يحيى بن أبي طالب قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد يعني ابن أبي عروبة، عن مطر الوراق، عن عطاء، أن الزبير، صلى بهم ركعتين من المغرب، ثم سلم، ثم قام إلى الحجر يستلمه، فسبح القوم، فأقبل عليهم، فقال: "ما شأنكم؟"، ثم صلى أخرى، ثم سجد سجدتين، وهو جالس قال: فذكر ذلك لابن عباس، فقال: "ما أماط عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم" .

[ ص: 314 ] 4732 - ورواه عسل عن عطاء قال فيه: فالتفت إلينا، فقال: "ما أتممت الصلاة؟" فقلنا برؤوسنا: سبحان الله أي لا، فرجع، فصلى الركعة الباقية.

4733 - وروينا عن سعد بن إبراهيم: أن عروة بن الزبير، صلى من المغرب ركعتين، فسلم، وتكلم، ثم صلى ما بقي، وسجد سجدتين، وقال: "هكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم".

4734 - واحتج محتج بما أخبرنا أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا محمد بن عيسى ح.

4735 - وأخبرنا علي بن أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا إبراهيم بن صالح الشيرازي قال: حدثنا سعيد بن منصور قالا: حدثنا هشيم قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد، عن أبي عمرو الشيباني، عن زيد بن أرقم قال: "كان أحدهم يكلم في الصلاة من إلى جانبه، فنزلت" وفي حديث الروذباري: " كان أحدنا يكلم الرجل إلى جنبه في الصلاة، فنزلت: ( حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين ) ، فأمرنا بالسكوت، ونهينا عن الكلام " رواه مسلم في الصحيح، عن يحيى بن يحيى، عن هشيم، وأخرجاه من حديث عيسى بن يونس، عن إسماعيل .

[ ص: 315 ] 4736 - وهذا مثل حديث ابن مسعود، وغيره في أن المراد به كلام نهي عنه، وهو كلام العمد الذي يمكن الامتناع منه، والاحتراز عنه.

4737 - وليس في هذا دلالة على أن تحريم الكلام، كان بعد حديث ذي اليدين، وذاك لأن زيد بن أرقم، من متقدمي الصحابة بالمدينة قال أبو إسحاق: قلت لزيد بن أرقم: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "تسع عشرة غزوة" قلت: كم غزوت أنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "سبع عشرة غزوة"، قلت: ما أول غزوة غزاها؟ قال: "ذو العشيرة".

4738 - ويحتمل أن يكون تحريم الكلام ثابتا قبله.

4739 - وقوله: كان أحدهم يكلم في الصلاة، إخبار عن أمر قد مضى.

4740 - وإن كان الأصل قوله: "كان أحدنا"، فيجوز أن يكون تحريمه ثابتا قبله، ولم يبلغ زيد بن أرقم، ثم نزلت هذه الآية تأكيدا للتحريم الذي سبق، وما في القنوت من المعاني سوى السكوت، فعلم به زيد، وفهمه من هذه الآية، فأخبر به.

4741 - كما ثبت تحريمه، قبل رجوع عبد الله من أرض الحبشة، ولم يعلمه، حتى رجع، فأخبره به رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4742 - وكان بعض الأحكام، يثبت بقول النبي صلى الله عليه وسلم، ثم تنزل الآية على وفق قوله: تأكيدا له كما كان فرض الوضوء للصلاة ثابتا، زمانا من دهره، ثم نزلت الآية، تأكيدا له، وبالله التوفيق.

[ ص: 316 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية