صفحة جزء
5181 - أخبرنا أبو عبد الله، وأبو زكريا، وأبو بكر، قالوا: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن أبي لبيد قال: سمعت أبا سلمة قال: قدم معاوية المدينة، فبينا هو على المنبر، إذ قال: يا كثير بن الصلت، اذهب إلى عائشة أم المؤمنين، فسلها عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر قال أبو سلمة: فذهبت معه، وبعث ابن عباس عبد الله بن الحارث بن نوفل معنا، قال: اذهب، فاسمع ما تقول أم المؤمنين قال: فجاءها فسألها، فقالت له عائشة: لا علم لي، ولكن اذهب إلى أم سلمة فسلها، قال: فذهبت معه إلى أم سلمة فسألها، فقالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بعد العصر، فصلى عندي ركعتين، لم أكن أراه يصليهما، فقلت: يا رسول الله، لقد صليت صلاة، لم أكن أراك تصليها، فقال: "إني كنت أصلي ركعتين بعد الظهر، وإنه قدم علي وفد بني تميم، أو صدقة فشغلوني عنهما، فهما هاتان الركعتان".

5182 - قال أحمد: هذا حديث صحيح، قد رواه يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، عن أم سلمة مختصرا، ورواه ذكوان، عن عائشة، عن أم سلمة، ورواه كريب مولى ابن عباس عن أم سلمة .

5183 - كما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن إسحاق الفقيه إملاء، وأبو محمد يحيى بن منصور القاضي قراءة، قال: أخبرنا يوسف بن موسى المروروذي قال: حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا ابن [ ص: 427 ] وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث، عن بكير بن الأشج، عن كريب مولى ابن عباس، أن عبد الله بن عباس، وعبد الرحمن بن أزهر، والمسور بن مخرمة، أرسلوه إلى عائشة، فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعا، وسلها عن الركعتين بعد العصر، وقل لها: إنا أخبرنا أنك تصليها، وقد بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها "، وقال ابن عباس: وكنت أضرب مع عمر الناس عليها، قال كريب: فدخلت عليها، وبلغتها ما أرسلوني به، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم، فأخبرتهم بقولها، فردوني إلى أم سلمة، بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت أم سلمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنها، ثم رأيته يصليها، أما حين صلاها فإنه صلى العصر، ثم دخل وعندي نسوة من بني حرام، من الأنصار فصلاهما، فأرسلت إليه جارية، وقلت: قومي بجنبه وقولي: تقول أم سلمة: إني سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما؟ فإن أشار بيده فاستأخري عنه، قالت: ففعلت الجارية، فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: "يا ابنة أبي أمية، سألت عن الركعتين بعد العصر، أنه أتاني ناس من عبد القيس بإسلام قومهم، فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان"، رواه البخاري في الصحيح، عن يحيى بن سليمان، ورواه مسلم، عن حرملة، كلاهما عن ابن وهب.

5184 - وهذا صريح في أن قضاء هاتين الركعتين بعد العصر، كان بعد النهي عن الصلاة بعد العصر، فلم يكن من ادعى تصحيح الآثار على مذهبه دعوى النسخ فيه، فأتى برواية ضعيفة، عن ذكوان، عن أم سلمة في هذه القصة، فقلت يا رسول الله: أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال: "لا"، واعتمد عليها في رد ما روينا .

[ ص: 428 ] 5185 - ومعلوم عن أهل العلم بالحديث، أن هذا الحديث، يرويه حماد بن سلمة، عن الأزرق بن قيس عن ذكوان، عن عائشة، عن أم سلمة دون هذه الزيادة.

5186 - فذكوان إنما حمل الحديث عن عائشة، وعائشة، حملته عن أم سلمة، ثم كانت ترويه مرة عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم، وترسله أخرى.

5187 - وكانت ترى مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليهما، فكانت تحكي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أثبتها، قالت: "وكان إذا صلى صلاة أثبتها".

5188 - وقالت: "ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم، ركعتين عندي بعد العصر قط".

5189 - وكانت ترى أنه كان يصليها في بيوت نسائه، ولا يصليها في المسجد مخافة أن تثقل على أمته، وكان يحب ما خفف عنهم .

[ ص: 429 ] 5190 - فهذه الأخبار تشير إلى اختصاصه بإثباتها لا إلى أصل القضاء.

5191 - هذا، وطاوس يروي عنها، أنها قالت: وهم عمر إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم، أن يتحرى طلوع الشمس، وغروبها.

5192 - وكأنها لما رأت النبي صلى الله عليه وسلم، أثبتهما بعد العصر ذهبت في النهي هذا المذهب.

5193 - ولو كان عندها ما يروون عنها في رواية ذكوان، وغيره من الزيادة في حديث القضاء، لما وقع هذا الاشتباه، فدل على خطأ تلك اللفظة.

5194 - وقد روي عن محمد بن عمرو بن عطاء، عن ذكوان، عن عائشة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يصلي بعد العصر وينهى عنها، ويواصل وينهى عن الوصال"، فهذا يرجع إلى استدامته لهما، لا إلى أصل القضاء.

5195 - والذي يدل على ذلك حديث قيس في قضاء ركعتي الفجر بعد صلاة الصبح، والنبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر عليه، وذلك مما لا سؤال عليه، لأن في الحديث ما يدل على أنه كان بعد النهي، وهو قوله: "ما هاتان الركعتان؟"، ثم لم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما صنع حين أخبره بقضاء ركعتي الفجر، وليس فيه معنى يدل على التخصيص.

5196 - قال الشافعي في كتاب صلاة التطوع: وثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "أحب الأعمال إلى الله، أدومها وإن قل".

[ ص: 430 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية