صفحة جزء
2 - من روى ثلاث ركعات في ركعة

7101 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي رحمه الله: فقال: روى بعضكم أن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى ثلاث ركعات في كل ركعة فقلت له: فتقول به أنت؟ قال: لا، ولكن لم لم تقل به أنت؟ وهو زيادة على حديثكم، ولم لم تثبته؟ قلت: هو من وجه منقطع، ونحن لا نثبت المنقطع على الانفراد، ووجه يراه والله أعلم غلطا ".

[ ص: 146 ] 7102 - قال الشيخ أحمد: وإنما أراد بالمنقطع فيما أظن: ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم المزكي قال: حدثنا أحمد بن سلمة قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن بكر قال: أخبرنا ابن جريج قال: سمعت عطاء يقول: سمعت عبيد بن عمير يقول: حدثني من أصدق: يريد عائشة: أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام قياما شديدا يقوم قائما، ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع، ثم يقوم، ثم يركع ركعتين في ثلاث ركعات، وأربع سجدات، فانصرف وقد تجلت الشمس، وكان إذا رفع قال: الله أكبر، ثم يركع، وإذا رفع رأسه قال: "سمع الله لمن حمده" فقام فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته، ولكنهما من آيات الله، يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفا فاذكروا الله حتى ينجلي" رواه مسلم، عن إسحاق بن إبراهيم، وقال: حدثني من أصدق حسبته يريد عائشة.

7103 - ورواه عبد الرزاق وغيره عن ابن جريج، وقالوا، فيه: ظننت أنه يريد عائشة وقال فيه: فيركع ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات.

7104 - ورواه قتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، عن عائشة، وقال: ست ركعات في أربع سجدات .

[ ص: 147 ] 7105 - وفي رواية ابن جريح دليل على أن عطاء إنما أسنده عن عائشة بالظن والحسبان لا باليقين وكيف يكون عدد الركوع فيه محفوظا عن عائشة وقد روينا عن عروة، وعمرة، عن عائشة بخلافه وإن كان عن عائشة كما توهمه، فعروة، وعمرة أخص بعائشة وألزم لها من عبيد بن عمير، وهما اثنان، فروايتهما أولى أن تكون هي المحفوظة.

7106 - ورواه أيضا يحيى بن أبي كثير، عن أبي حفصة، مولى عائشة أن عائشة، أخبرته عن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته في كسوف الشمس نحو رواية عروة وعمرة.

7107 - وأما الذي يراه الشافعي غلطا فأحسبه والله أعلم أراد ما أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن إسحاق قال: أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا عبد الملك، عن عطاء عن جابر قال: " انكسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الناس: إنما انكسفت الشمس لموت إبراهيم، فقام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس ست ركعات في أربع سجدات، بدأ فكبر، ثم قرأ فأطال القراءة، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الأولى، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع فقرأ قراءة دون القراءة الثانية، ثم ركع نحوا مما قام، ثم رفع رأسه من الركوع، ثم انحدر بالسجود فسجد سجدتين، ثم قام فركع أيضا ثلاث ركعات ليس منها ركعة إلا التي قبلها أطول من التي بعدها، وركوعه نحوا من سجوده، ثم تأخر وتأخرت الصفوف خلفه حتى انتهى إلى النساء، ثم تقدم وتقدم الناس معه حتى قام في مقامه فانصرف حين انصرف وقد أضاءت الشمس فقال: " يا أيها الناس إنما الشمس والقمر آيتان من آيات الله، وإنهما لا ينكسفان لموت بشر، فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ما من شيء توعدونه إلا وقد رأيته في صلاتي هذه حتى جيء بالنار، وذلكم حين رأيتموني تأخرت مخافة أن يصيبني من لفحها، وحتى رأيت فيها صاحب [ ص: 148 ] المحجن يجر قصبه في النار، كان يسرق متاع الحاج بمحجنه فإن فطن له قال: إنه تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به، وحتى رأيت فيها صاحبة الهرة التي ربطتها فلم تطعمها ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت جوعا ثم جيء بالجنة وذلكم حين رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي، ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثم بدا لي أن لا أفعل فما من شيء توعدونه إلا وقد رأيته في صلاتي هذه " رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة.

7108 - ومن نظر في قصة هذا الحديث، فقصة حديث أبي الزبير، عن جابر، علم أنها قصة واحدة، وأن الصلاة التي أخبر عنها، إنما فعلها مرة واحدة، وذلك يوم توفي ابنه إبراهيم عليه السلام، فيما زعم عبد الملك في هذه الرواية، وقاله أيضا: المغيرة بن شعبة، وأبو مسعود الأنصاري، إلا أنهما لم يبينا كيفية الصلاة.

7109 - ثم وقع الخلاف بين عبد الملك، عن عطاء، عن جابر، وبين هشام الدستوائي، عن أبي الزبير، عن جابر في عدد ركعات الركوع في كل ركعة، فوجدنا رواية هشام أولى لكونه مع أبي الزبير أحفظ من عبد الملك، ولموافقة روايته في عدد الركوع رواية عروة، وعمرة، عن عائشة، ورواية كثير بن عباس، وعطاء بن يسار، عن ابن عباس، ورواية أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو، ثم رواية يحيى بن سليم وغيره، وقد خولف عبد الملك في روايته عن عطاء فرواه ابن جريج، وقتادة، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، كما تقدم.

7110 - فرواية هشام، عن أبي الزبير، عن جابر التي، لم يقع فيها الخلاف ، [ ص: 149 ] ويوافقها عدد كثير أولى من روايتي عطاء اللتين إنما يسند إحداهما بالتوهم، والأخرى ينفرد بها عنه عبد الملك بن أبي سليمان الذي قد أخذ عليه الغلط في غير حديث، والله أعلم.

7111 - وأما الحديث الذي: أخبرنا أبو علي الروذباري قال: أخبرنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا حبيب بن أبي ثابت، عن طاوس، عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه صلى في كسوف فقرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركع، ثم قرأ، ثم ركع، والأخرى مثلها".

7112 - فهذا حديث قد أخرجه مسلم في الصحيح من حديث يحيى القطان، وأخرجه من حديث ابن علية، عن سفيان، وقال فيه: صلى ثماني ركعات وأربع سجدات.

7113 - وذلك مما ينفرد به حبيب بن أبي ثابت، وحبيب وإن كان ثقة فكان يدلس ولم يبين سماعه فيه، عن طاوس، فيشبه أن يكون حمله عن غير موثوق به وقد خالفه في رفعه ومتنه سليمان الأحول، فرواه عن طاوس، عن ابن عباس من فعله ثلاث ركعات في ركعة، وقد خولف سليمان أيضا في عدد الركوع، فرواه جماعة عن ابن عباس من فعله.

7114 - كما رواه عطاء بن يسار وغيره، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

7115 - وقد أعرض محمد بن إسماعيل البخاري عن هذه الروايات الثلاث، فلم يخرج شيئا منها في الصحيح لمخالفتهن ما هو أصح إسنادا وأكثر عددا وأوثق رجالا .

[ ص: 150 ] 7116 - وقال في رواية أبي عيسى الترمذي عنه: أصح الروايات عندي في صلاة الكسوف أربع ركعات في أربع سجدات.

7117 - وقد أجاب الشافعي عن رواية، سليمان الأحول وذلك فيما: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: أخبرنا الشافعي قال: فقال: وهل يروى عن ابن عباس، صلاة ثلاث ركعات؟.

7118 - قال الشافعي: قلنا نعم، أخبرنا سفيان، عن سليمان الأحول، يقول: سمعت طاووسا، يقول: "خسفت الشمس فصلى بنا ابن عباس في صفة زمزم ست ركعات في أربع سجدات".

7119 - فقال: فما جعل زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن ابن عباس، أثبت من سليمان الأحول، عن طاوس، عن ابن عباس؟.

7120 - قلت: الدلالة عن ابن عباس، موافقة حديث زيد بن أسلم عنه.

7121 - قال: فأين الدلالة عنه؟.

7122 - قيل: روى إبراهيم بن محمد، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عمرو، أو صفوان بن عبد الله بن صفوان قال: "رأيت ابن عباس صلى على ظهر زمزم في كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركعتين".

7123 - وابن عباس لا يصلي في الخسوف خلاف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم إن شاء الله.

7124 - وإذا كان عطاء بن يسار، وعمرو، أو صفوان بن عبد الله، والحسن يروون عن ابن عباس، خلاف ما روى سليمان الأحول، كانت رواية ثلاثة أولى أن تقبل، وعبد الله بن أبي بكر، وزيد بن أسلم أكثر حديثا وأشهر بالعلم بالحديث من سليمان.

[ ص: 151 ] 7125 - قال: فقد روي عن ابن عباس، أنه "صلى في زلزلة ثلاث ركعات في كل ركعة".

7126 - قلت: لو ثبت عن ابن عباس، أشبه أن يكون ابن عباس، فرق بين خسوف القمر والشمس والزلزلة، وإن سوى بينهما فأحاديثنا أكثر وأثبت مما رويت، فأخذنا بالأكثر الأثبت.

7127 - أخبرنا أبو سعيد قال: حدثنا أبو العباس قال: أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي فيما بلغه عن هشيم، عن يونس، عن الحسن، أن عليا، "صلى في كسوف الشمس خمس ركعات وأربع سجدات".

7128 - قال الشافعي: ولسنا ولا إياهم - يريد العراقيين - يقول بهذا.

7129 - أما نحن فنقول بالذي روينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وأربع سجدات، وقالوا هم: يصلي ركعتين كما يصلي سائر الصلوات، فخالفوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخالفوا ما رووا عن علي.

7130 - قال أحمد: "رواية الحسن، عن علي، لم تثبت، وأهل العلم بالحديث يرونها مرسلة".

7131 - ورواه حنش، عن علي، ثمان ركعات في أربع سجدات، وحنش هذا غير قوي في الحديث .

[ ص: 152 ] 7132 - وروي عن حذيفة، مرفوعا خمس ركعات في كل ركعة وإسناده ضعيف.

7133 - وروي عن أبي بن كعب، مرفوعا خمس ركعات في كل ركعة.

7134 - وصاحبا الصحيح لم يحتجا بمثل إسناد حذيفة.

7135 - وذهب جماعة من أهل الحديث إلى تصحيح الروايات في عدد الركعات وحملوها على أن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرات، وأن الجميع جائز.

7136 - فممن ذهب إليه إسحاق بن راهويه، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبو بكر بن إسحاق الضبعي، وأبو سليمان الخطابي، واستحسنه أبو بكر بن محمد بن إبراهيم بن المنذر صاحب الخلافيات.

7137 - والذي ذهب إليه الشافعي، ثم محمد بن إسماعيل البخاري من ترجيح الأخبار أولى، لما ذكرنا من رجوع الأخبار إلى حكاية صلاته يوم توفي ابنه صلى الله عليهما والله أعلم.

7138 - فأما الإسرار بالقراءة فحديث ابن عباس يدل عليه، وكذلك حديث سمرة.

7139 - وأخبرنا أبو علي الروذباري قال: أخبرنا أبو بكر بن داسة قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبيد الله بن سعد قال: حدثنا عمي قال: حدثنا أبي، عن محمد بن إسحاق قال: حدثني هشام بن عروة، وعبد الله بن أبي سلمة، وعن سليمان بن يسار، كل قد حدثني عن عروة ، [ ص: 153 ] عن عائشة قالت: كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم "فصلى بالناس فقام فحزرت قراءته قريب أنه قرأ بسورة البقرة" قال: - وساق الحديث - ثم قام فأطال القراءة فحزرت قراءته قريب أنه قرأ بسورة آل عمران.

7140 - وروينا عن عبد الرحمن بن نمر، وسليمان بن كثير، والأوزاعي، وسفيان بن حسين، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة: "أن النبي صلى الله عليه وسلم جهر فيها بالقراءة".

7141 - قال البخاري: حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة.

7142 - قال أحمد: "لكنه ليس بأصح من حديث ابن عباس".

7143 - وقد روينا عنه، أنه قال في قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في خسوف الشمس بنحو من سورة البقرة .

[ ص: 154 ] 7144 - قال الشافعي: فيه دليل على أنه لم يسمع ما قرأ لأنه لو سمعه لم يقدره بغيره.

7145 - قال الشافعي: وروي عن ابن عباس، أنه قال: "قمت إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة خسوف الشمس، فما سمعت منه حرفا".

7146 - أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو جعفر الرزاز قال: حدثنا أحمد بن الخليل قال: حدثنا الواقدي قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر، عن يزيد بن أبي حبيب، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوف فما سمعت منه حرفا واحدا".

7147 - وبمعناه رواه الحكم بن أبان، عن عكرمة.

7148 - وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا العباس بن محمد الدوري قال: حدثنا الأشيب قال: حدثني ابن لهيعة قال: حدثني عكرمة، عن ابن عباس قال: "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف فلم أسمع منه حرفا فيها حرفا من القراءة".

7149 - وكذلك رواه عبد الله بن المبارك، عن عبد الله بن لهيعة، وابن لهيعة، وإن كان غير محتج به في الرواية، وكذلك الواقدي، والحكم بن أبان فهم عدد، وروايتهم هذه توافق الرواية الصحيحة عن ابن عباس، وتوافق رواية محمد بن إسحاق بن يسار بإسناده، عن عائشة، وتوافق رواية محمد بن إسحاق بن يسار بإسناده، عن عائشة، ويوافق رواية سمرة بن جندب.

7150 - وإنما الجهر عن الزهري، فقط وهو وإن كان حافظا فيشبه "أن يكون العدد أولى بالحفظ من الواحد، والله أعلم".

[ ص: 155 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية