صفحة جزء
8455 - وأخرجه مسلم في الصحيح، عن القعنبي ، عن داود بن قيس ، بإسناده هذا قال: " كنا نخرج إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، عن كل صغير وكبير، حر أو مملوك، صاعا من طعام، أو صاعا من أقط " ، فذكر الحديث، وزاد فيه في آخره: قال: أبو سعيد : فأما أنا فلا أزال أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت.

8456 - أخبرناه أبو علي الروذباري قال: أخبرنا محمد بن بكر قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا عبد الله بن مسلمة ، هو القعنبي ، فذكره.

8457 - ورويناه من حديث محمد بن عبد الوهاب الفراء ، وأحمد بن محمد البرتي ، عن القعنبي ، صاعا من طعام، أو صاعا من كذا بإثبات: "أو" فيه.

8458 - وأخرج مسلم بن الحجاج حديث ابن عجلان ، عن عياض ، عن أبي سعيد : أن معاوية لما جعل نصف الصاع من الحنطة، عدل صاع من تمر، أنكر ذلك أبو سعيد ، وقال: "لا أخرج فيها إلا الذي كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" .

8459 - وأخرجه البخاري من حديث الثوري ، عن زيد بن أسلم ، عن عياض ، ببعض معناه، وفيه صاعا من طعام، أو صاعا من تمر، بإثبات: "أو" فيه.

8460 - وكذلك قال مالك بن أنس ، عن زيد بن أسلم في غير رواية الشافعي عنه [ ص: 196 ] .

8461 - قال أحمد : وأبو سعيد الخدري كان بالمدينة أيام أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وكان يعطي زكاة فطره وأهل بيته إلى كل واحد منهم، فمن المحال أن يقع هذا التعديل من واحد منهم، ثم إذا فعل معاوية مثله ينكره أبو سعيد هذا الإنكار.

8462 - وقد رواه عبد الله بن عبد الله بن عثمان بن حكيم بن حزام ، عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح قال: قال أبو سعيد ، وذكر عنده صدقة الفطر، فقال: " لا أخرج إلا ما كنت أخرجه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: صاعا من تمر، أو صاعا من حنطة، أو صاعا من شعير، أو صاعا من أقط "، فقال: له رجل من القوم: أو مدين من قمح، فقال: "لا، تلك قيمة معاوية ، ولا أقبلها، ولا أعمل بها" .

8463 - أخبرناه أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم الصيدلاني قال: حدثنا الحسين بن الفضل البجلي قال: حدثنا أحمد بن أحمد ، قال: حدثنا إسماعيل ابن علية ، عن محمد بن إسحاق ، عن عبد الله ، فذكره.

8464 - وكذلك رواه إسحاق الحنظلي وغيره، عن إسماعيل ، ولفظة "الحنطة" فيه، إن كان محفوظا، ففيه دلالة على أن المراد بقوله: صاعا من طعام في سائر الروايات الحنطة، إلا أن جماعة من الحفاظ وهنوه، وزعموا أن المحفوظ: صاعا من طعام، صاعا من كذا، على طريق التفسير للطعام بما ذكر بعده.

8465 - إلا أنه قد تواترت هذه الروايات، عن عياض بن عبد الله ، وهو من الثقات الأثبات، عن أبي سعيد بأن التعديل إنما كان من معاوية رحمنا الله وإياه، وأنه أنكر ما فعله من ذلك.

8466 - فثبت بحديثه، وحديث ابن عمر خطأ الروايات التي ذكر فيها فرض النبي صلى الله عليه وسلم نصف صاع من بر [ ص: 197 ] .

8467 - وثبت بحديث أبي سعيد أن التعديل كان من معاوية بخلاف قول من زعم أن ذلك كان من جماعة الصحابة.

8468 - وكيف يجوز دعوى الإجماع فيه، وأبو سعيد الخدري ينكره على معاوية ؟.

8469 - واختلفت الرواية فيه، عن علي بن أبي طالب ، وابن عباس ، فروي عن كل واحد منهما: صاع من حنطة، وروي نصف صاع.

8470 - وعبد الله بن الزبير ذهب إلى أنه صاع، وإلى مثله ذهب الحسن البصري ، وروي ذلك عن أبي العالية ، وجابر بن عبد الله وبه قال مالك بن أنس ، وأحمد ، وإسحاق .

8471 - قال أحمد : قد زعم بعض من نصر قول من قال: يجزئ نصف صاع من بر: أن لا حجة في حديث أبي سعيد ، لأنه قد يجوز أن يكونوا يعطون من ذلك ما عليهم، ويزيدون فضلا ليس عليهم، واستشهد برواية رواها، عن الحسن : أن مروان بعث إلى أبي سعيد : أن ابعث إلي بزكاة رقيقك، فقال: أبو سعيد : إن مروان لا يعلم أن علينا أن نعطي لكل رأس عبد كل فطر صاعا من تمر، أو نصف صاع من بر [ ص: 198 ] .

8472 - وهذا إن صح فلأن مروان إنما كان يطالبهم، عن كل رأس صاعا من تمر، أو نصف صاع من بر على تعديل معاوية ، فقال: أبو سعيد : قد أعطيت ذلك فلم يطالبني بالزيادة؟.

8473 - وقد أخبر في حديث عياض بما كان يخرجه، وأنكر تعديل معاوية ، فكيف يصح هذا عنه إلا على الوجه الذي ذكرنا.

8474 - ولو جاز لقائل أن يقول في الطعام: كانوا يخرجون بعضه فرضا، وبعضه فضلا، لجاز لغيره أن يقول مثله في سائر الأجناس، ولجاز لغيره أن يقول: في المدين: إنما قاله فيمن لم يجد أكثر من ذلك، ولكن الأمر على ما بينا، والله أعلم.

التالي السابق


الخدمات العلمية