صفحة جزء
29 - التبييت على المشركين وإصابة نسائهم وذراريهم من غير قصد

18000 - أخبرنا أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن عبيد الله - يعني ابن عبد الله، عن ابن عباس ، عن الصعب بن جثامة الليثي، أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وأبنائهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هم منهم" [ ص: 229 ] .

18001 - وربما قال سفيان في الحديث: "هم من آبائهم".

18002 - وقال في موضع آخر في رواية أبي عبد الله قال: أخبرني الصعب بن جثامة، " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "هم منهم".

18003 - قال: وزاد عمرو بن دينار، عن الزهري "هم من آبائهم" أخرجاه في الصحيح من حديث سفيان.

18004 - أخبرنا أبو عبد الله، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع قال: قال الشافعي: " وكان سفيان يذهب إلى أن قول النبي صلى الله عليه وسلم: "هم منهم" إباحة لقتلهم، وأن حديث ابن أبي الحقيق ناسخ له قال: وكان الزهري إذا حدث بحديث الصعب بن جثامة أتبعه حديث ابن كعب بن مالك.

18005 - قال الشافعي: وحديث الصعب بن جثامة كان في عمرة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن كان في عمرته الأولى فقد قتل ابن أبي الحقيق قبلها، وقيل في سنتها، وإن كان في عمرته الآخرة فهو بعد أمر ابن أبي الحقيق غير شك، والله أعلم.

18006 - قال: ولم نعلمه رخص في قتل النساء والولدان ثم نهى عنه.

18007 - ومعنى نهيه عندنا، والله أعلم، عن قتل النساء والولدان أن يقصد قتلهم بقتل، وهم يعرفون متميزين ممن أمر بقتله منهم.

18008 - ومعنى قوله: "هم منهم" أنهم يجمعون خصلتين: أن ليس لهم [ ص: 230 ] حكم الإيمان الذي يمنع الدم، ولا حكم دار الإيمان الذي يمنع الغارة على الدار، وبسط الكلام في شرح ذلك.

18009 - قال أحمد: وقد ذكر محمد بن إسحاق بن يسار صاحب المغازي "أن قتل أبي رافع بن أبي الحقيق كان قبل غزوة بني المصطلق، وقبل عمرة الحديبية".

18010 - وفي حديث الصعب بن جثامة، أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو بالأبواء، أو بودان، فأهدى إليه حمار وحش فرده وقال: "إنا حرم"، وذكر أنه سئل عن ذراري المشركين، فذكره.

18011 - وفي ذلك دلالة على صحة ما قال الشافعي من كونه بعد نهيه عن قتل النساء والصبيان، وأن وجه الجمع بين الحديثين ما ذكر الشافعي رحمه الله.

18012 - واحتج الشافعي رحمه الله أيضا بجواز التبييت بما: أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عمر بن حبيب، عن عبد الله بن [ ص: 231 ] عون، أن نافعا كتب إليه يخبره، أن ابن عمر أخبره، أن النبي صلى الله عليه وسلم أغار على بني المصطلق وهم غارون في نعمهم بالمريسيع، فقتل المقاتلة وسبى الذرية " أخرجاه في الصحيح من حديث ابن عون.

18013 - وأما الحديث الذي أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي، عن حميد، عن أنس قال: سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فانتهى إليها ليلا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طرق قوما لم يغر عليهم حتى يصبح، فإن سمع أذانا أمسك، وإن لم يكونوا يصلون أغار عليهم حين يصبح، فلما أصبح ركب وركب المسلمون، فخرج أهل القرية ومعهم مكاتلهم ومساحيهم، فلما رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا: محمد والخميس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الله أكبر خربت خيبر، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين" قال أنس: وإني لردف أبي طلحة، وإن قدمي لتمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

18014 - فقد قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد ، رواية أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يغير حتى يصبح، ليس تحريما للإغارة ليلا ولا نهارا، ولا غارين في حال، والله أعلم، ولكنه على أن يكون بنصر من معه كيف يغيرون احتياطا من أن يؤتوا من كمين أو من حيث لا يشعرون، وقد تختلط الحرب إذا أغاروا ليلا [ ص: 232 ] فيقتل بعض المسلمين بعضا، قد أصابهم ذلك في قتل ابن عتيك فقطعوا رجل أحدهم.

18015 - قال أحمد: وإنما أراد في قتال ابن عتيك خروجه في قتل ابن أبي الحقيق، إلا أن في تلك القصة أن ابن عتيك سقط فوثبت رجله، ويحتمل أنه أراد في قتل كعب بن الأشرف فغلط الكاتب في القصة، ففي قصة قتل كعب بن الأشرف أنه أصيب الحارث بن أوس بن معاذ فجرح في رأسه ورجله.

18016 - قال محمد بن مسلمة: أصابه بعض أسيافنا وقتل، بل أصابوا عباد بن بشر في وجهه أو في رجله، وهم لا يشعرون وذلك في قصة قتل كعب بن الأشرف.

[ ص: 233 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية