صفحة جزء
كتاب الجزية

[ ص: 354 ] [ ص: 355 ] 1 - الأصل فيمن تؤخذ منه الجزية ومن لا تؤخذ

18461 - أخبرنا أبو سعيد، حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، رحمه الله قال: بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو بلد قومه، وقومه [ ص: 356 ] [ ص: 357 ] أميون، وكذلك كان من حولهم من العرب، ولم يكن فيهم من العجم إلا مملوك أو محرر أو مختار أو من لا يذكر.

18462 - قال الله عز وجل: ( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ) .

18463 - وفرض الله عليه جهادهم فقال: ( وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله ) .

18464 - فقيل فيه: فتنة شرك، ويكون الدين كله واحدا لله، وذكر غيرها من الآيات.

18465 - قال الشافعي: وجاءت السنة بما جاء به القرآن: أخبرنا عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ص: 358 ] قال: " لا أزال أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوا: لا إله إلا الله فقد عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله " أخرجاه في الصحيح من أوجه عن أبي هريرة رضي الله عنه.

18466 - أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن عبد الملك بن نوفل بن مساحق، عن ابن عصام المزني، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث سرية قال: "إن رأيتم مسجدا أو سمعتم مؤذنا فلا تقتلوا أحدا".

18467 - وأخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا سفيان، عن ابن شهاب، أن عمر بن الخطاب، قال لأبي بكر رضي الله عنهما: أليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها، وحسابهم على الله "؟ قال أبو بكر: هذا من حقها، لو منعوني عقالا مما أعطوا رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليه [ ص: 359 ] .

18468 - قال: وأخبرنا الشافعي، أخبرنا الثقة، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن أبي هريرة، أن عمر قال لأبي بكر هذا القول أو ما معناه.

18469 - قال الشافعي في روايتنا عن أبي سعيد ، يعني من منع الصدقة ولم يرتد.

18470 - قال الشافعي: وهذا مثل الحديثين قبله في المشركين مطلقا، وإنما يراد به والله أعلم مشركو أهل الأوثان.

18471 - ولم يكن بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قربه أحد من مشركي أهل الكتاب إلا يهود المدينة، وكانوا حلفاء للأنصار، ولم تكن الأنصار استجمعت أول ما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إسلاما، فوادعت يهود رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولم تخرج إلى شيء من عداوته بقول يظهر ولا فعل، حتى كانت وقعة بدر ، فكلم بعضهم بعضا بعداوته والتحريض عليه، فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم، ولم يكن بالحجاز علمته إلا يهودي أو نصراني قليل بنجران، وكانت المجوس بهجر وبلاد البربر، وفارس نائين عن الحجاز دونهم مشركو أهل الأوثان كثير [ ص: 360 ] .

18472 - قال: وأنزل الله عز وجل على رسوله فرض قتال المشركين من أهل الكتاب فقال: ( قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون ) .

18473 - ففرق الله جل ثناؤه كما شاء لا معقب لحكمه بين قتال أهل الأوثان، ففرض أن يقاتلوا أو يسلموا، وقتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية أو أن يسلموا.

18474 - وفرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين قتالهم.

18475 - فذكر الحديث الذي: أخبرنا أبو بكر، وأبو زكريا، وأبو سعيد، قالوا: حدثنا أبو العباس، أخبرنا الربيع، أخبرنا الشافعي، أخبرنا الثقة يحيى بن حسان، عن محمد بن أبان، عن علقمة بن مرثد، عن سليمان بن بريدة، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بعث جيشا أمر عليهم أميرا وقال: "إذا لقيت عدوا من المشركين فادعهم إلى ثلاث خلال - أو ثلاث خصال، شك علقمة - ادعهم إلى الإسلام فإن أجابوك فاقبل منهم وكف عنهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن أجابوك فاقبل منهم وأخبرهم إن هم فعلوا أن لهم ما للمهاجرين وعليهم ما عليهم، وإن اختاروا المغانم في دارهم فأخبرهم أنهم كأعراب المسلمين فيجري عليهم حكم الله كما يجري على المسلمين، وليس لهم في الفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن لم يجيبوك إلى الإسلام فادعهم إلى إعطاء الجزية، فإن فعلوا فاقبل منهم ودعهم، وإن أبوا فاستعن بالله وقاتلهم" [ ص: 361 ] .

18476 - زاد أبو سعيد في روايته قال: قال الشافعي: حدثني عدد كلهم ثقة، عن غير واحد كلهم ثقة، لا أعلم إلا أن فيهم سفيان الثوري، عن علقمة، بمثل معنى هذا الحديث لا يخالفه أخرجه مسلم في الصحيح من حديث الثوري وشعبة.

[ ص: 362 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية