صفحة جزء
1905 - أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد القاضي ، أنا أبو محمد عبد الله بن يوسف بن محمد بامويه الأصبهاني، أنا أبو محمد عبد الرحمن بن يحيى الزهري ، بمكة ، نا محمد بن إسماعيل الصائغ، نا يعلى بن عبيد ، عن الأعمش ، عن إبراهيم، [ ص: 113 ] عن عابس بن ربيعة، قال: رأيت عمر بن الخطاب استقبل الحجر، ثم قال: "إني لأعلم أنك حجر، لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك، ثم تقدم فقبله".

هذا حديث صحيح متفق عليه، أخرجه محمد، عن محمد بن كثير ، عن سفيان، وأخرجه مسلم، عن يحيى بن يحيى ، وغيره، عن أبي معاوية ، كلاهما عن الأعمش .

وقال سويد بن غفلة: رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر والتزمه، وقال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا، والعمل على هذا عند أهل العلم، يستحبون تقبيل الحجر الأسود، فإن لم يمكنه، استلمه بيده، وقبل يده، ويفعله في كل طوفة، فإن لم يمكن، ففي كل وتر، فإن لم تصل يده إليه استقبله إذا حاذاه وكبر، وهو قول الشافعي .

قال نافع : رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم يقبل يده، وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله.

قال عطاء: رأيت جابر بن عبد الله ، وابن عمر ، وأبا سعيد الخدري، وأبا هريرة إذا استلموا قبلوا أيديهم. [ ص: 114 ]

.

قال أبو سليمان الخطابي على حديث عمر: فيه من العلم أن متابعة السنن واجبة، وإن لم يوقف لها على علل معلومة، وأسباب معقولة، وأن أعيانها حجة على من بلغته، وإن لم يفقه معانيها، إلا أن معلوما في الجملة أن تقبيل الحجر، إنما هو إكرام له، وإعظام لحقه، وتبرك به، وقد فضل الله بعض الأحجار على بعض، كما فضل بعض البقاع والبلدان، وكما فضل بعض الليالي والأيام والشهور، وباب هذا كله التسليم.

وروي في بعض الحديث "أن الحجر يمين الله في الأرض"، والمعنى: أن من صافحه في الأرض، كان له عند الله عهد، فكان كالعهد تعقده الملوك بالمصافحة لمن يريد موالاته، وكما يصفق على أيدي الملوك للبيعة.

التالي السابق


الخدمات العلمية