صفحة جزء
1974 - أخبرنا عبد الواحد المليحي، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف ، نا محمد بن إسماعيل ، نا عمر بن حفص ، نا أبي، نا الأعمش ، حدثني إبراهيم، عن الأسود، عن عائشة ، قالت: حاضت صفية ليلة النفر، فقالت: ما أراني إلا حابستكم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: "عقرى حلقى أطافت يوم النحر؟"، قيل: نعم، قال: "فانفري".

هذا حديث متفق على صحته، أخرجه مسلم، عن أبي بكر بن أبي شيبة ، وغيره، عن أبي معاوية ، عن الأعمش .

قوله: "عقرى حلقى"، قيل: معناه: عقرها الله وحلقها، أي: أصابها وجع في حلقها، كما يقال رأسه وفاهه، ويقال: حلقته: إذا [ ص: 235 ] أصبت حلقه، ووجهته إذا أصبت وجهه.

وقال الخطابي: هكذا يروى على فعلى، وقياسه في الكلام عقرا وحلقا، كقولهم: تعسا ونكسا على مذهب الدعاء، يعني: عثرها الله عثرا وقيل: هو صحيح، معناه: جعلها الله عقرى حلقى، وقيل: هو دعاء عليها بأن تعقر، أي: تصير عاقرا لا تلد.

وأما حلقى، يقال: أصبحت أمه حالقا، أي: ثاكلا حتى تحلق شعرها.

وعلى الوجوه كلها، فإنه دعاء لا يراد به وقوعه، إنما هو عادة بينهم، كقولهم لا أبا لك، وتربت يمينك، ونحوها، قال الأصمعي: يقال للأمر تعجب منه: عقرى وحلقى.

قال الإمام: الطواف ثلاث: طواف القدوم، وهو سنة لا شيء على من تركه، وطواف الإقامة، ويسمى طواف الزيارة ركن من أركان الحج لا يحصل التحلل بدونه، ولا يقوم الدم مقامه.

والثالث: طواف الوداع، لا رخصة في تركه لمن أراد مفارقة مكة إلى مسافة القصر، مكيا كان أو آفاقيا، حج أو لم يحج، فإن خرج، ولم يطف، رجع إن كان قريبا، روي أن عمر بن الخطاب رد رجلا من مر الظهران لم يكن ودع البيت.

ولو مضى ولم يرجع، فلا دم عليه عند بعض أهل العلم، وبه قال عروة بن الزبير ، وهو مذهب مالك، وقال بعضهم: من تركه، فعليه دم، وهو قول الشافعي إلا المرأة الحائض أو النفساء يجوز لها أن تنفر، وتترك طواف الوداع، ولا دم عليها، وهو قول أهل العلم من الصحابة، فمن بعدهم، وإليه ذهب مالك، والأوزاعي ، والثوري ، والشافعي ، وأحمد، وإسحاق، وأصحاب الرأي.

وروت عمرة بنت عبد الرحمن، أن عائشة كانت إذا حجت ومعها نساء تخاف أن يحضن، قدمتهن يوم النحر، فأفضن، فإن حضن بعد [ ص: 236 ] ذلك لم تنتظر بهن أن يطهرن، تنفر بهن وهن حيض.

وروي عن عمر بن الخطاب أن الحائض تجعل آخر عهدها بالبيت، يعني: تصبر حتى تطهر وتطوف، وقيل: ذلك منه على سبيل الاختيار إذا كان في الوقت مهلة أما إذا أعجلها السير، فلها أن تنفر بلا وداع.

وفي قوله لصفية : "أحابستنا هي؟"، حين أخبر أنها أفاضت، دليل على وجوب طواف الإفاضة، وأنه لا يتحلل بدونه، وأنه يقبل التأخير حيث جعلها حابسة لهم أن تطهر، فتطوف، ولم تكن قد أفاضت، ولا يلزمه بالتأخير فدية عند أهل العلم، وقال أبو حنيفة إذا أخر طواف الإفاضة عن أيام التشريق لزمه دم [ ص: 237 ] .

التالي السابق


الخدمات العلمية