صفحة جزء
2289 - أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال، نا أبو العباس الأصم.

ح أخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي، ومحمد بن أحمد العارف، قالا: أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري، نا أبو العباس الأصم، أنا الربيع، أنا الشافعي، أنا بعض أصحابنا، عن أبي الزناد، عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف، عن عوف بن الحارث، عن نوفل بن معاوية، قال: أسلمت وتحتي خمس نسوة، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "فارق واحدة، وأمسك أربعا". [ ص: 91 ] .

فعمدت إلى أقدمهن عندي عاقر منذ ستين سنة، ففارقتها
".

وروى أبو وهب الجيشاني ، عن الضحاك بن فيروز الديلمي ، عن أبيه ، قال : قلت يا رسول الله ، إني أسلمت ، وتحتي أختان ، قال : " اختر أيتهما شئت" .

قال الإمام : إذا أسلم مشرك ، وتحته أكثر من أربع نسوة ، فأسلمن معه ، أو تخلفن وهن كتابيات ، فإنه يختار منهن أربعا ، ويفارق البواقي ، وظاهر الحديث يدل على أنه لا فرق بين أن يكون نكحهن معا ، أو متفرقات ، وأنه إن نكحهن متفرقات يجوز له إمساك الأواخر ، وهو قول الحسن البصري ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وإليه رجع محمد بن الحسن ، حين ناظر الشافعي بها .

وكذلك لو أسلم عن أختين يختار واحدة منهما ، سواء نكحهما معا ، أو إحداهما بعد الأخرى ، وله إمساك من نكحها آخرا على قول هؤلاء .

وذهب سفيان الثوري ، وأبو حنيفة ، إلى أنه إن نكحهن معا ، فليس له إمساك واحدة منهن ، وإن نكحهن متفرقات ، فيمسك أربعا [ ص: 92 ] من الأوليات ، ويفارق الأخريات ، وكذلك في الأختين ، والأول أشبه بظاهر الحديث ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الاختيار إلى الزوج في الإمساك والمفارقة ، ومن حكم ببطلان نكاح الكل ، أو عين الأوليات للإمساك ، فقد أبطل معنى الاختيار ، ولأن كل عقد مضى في الشرك على اعتقادهم يجوز الإمساك بعد الإسلام بحكم ذلك العقد ، ولا يتعرض لما مضى في الشرك إذا كان المحل مما يجوز ابتداء العقد عليه ، كما لو نكح في حال الشرك بلا بينة ، وفي العدة ، ثم أسلما والعدة منقضية يقران عليه ، فإن كانت العدة باقية ، أو نكح امرأة من محارمه ، ثم أسلما ، لا يقران عليه ، لأن ابتداء العقد عليهما في الإسلام لا يجوز ، وكذلك لو نكح في الشرك امرأة على خمر ، أو خنزير ، ثم أسلما بعد قبضه ، فلا مهر لها عليه ، وإن أسلما قبل القبض ، فعلى الزوج لها مهر مثلها ، لأنه لم يمض تمامه في الشرك ، وكذلك لو تبايعا درهما بدرهمين ، ثم أسلما بعد التقابض ، لا يتعرض له ، وإن كان قبل التقابض ، فمردود .

ولو نكح عبد في الشرك أكثر من امرأتين ، ثم أسلم ، يختار منهن اثنتين ، فإن عتق قبل اجتماع إسلامه وإسلامهن ، فله إمساك أربع منهن ، وإن نكح العبد في الشرك أربع إماء ، فإن كان وقت اجتماع إسلامه وإسلامهن رقيقا ، يختار منهن اثنتين ، وإن كان هو حرا وهن حرائر فله إمساكهن جميعا ، وإن كان هو حرا وهن أرقاء فليس له إلا إمساك واحدة منهن ، بشرط أن يكون معسرا خائفا على نفسه من العنت ، كالحر إذا أراد ابتداء نكاح الأمة ، لا يجوز إلا بعد وجود هذين الشرطين .

ولو أسلم وتحته أم وابنتها ، فإن كان بعد الدخول بهما ، فلا يجوز إمساك واحدة منهما ، وهما محرمتان عليه على التأبيد ، وإن كان قبل الدخول بهما ، ففيه قولان : أحدهما : يختار أيتهما شاء كالأختين ، والثاني [ ص: 93 ] وهو الأصح : تتعين البنت للإمساك ، لأن العقد على البنت يحرم الأم ، والعقد على الأم لا يحرم النبت ما لم يوجد الدخول ، وإن كان قد دخل بالبنت ، تعينت هي للإمساك ، وإن كان قد دخل بالأم ، ولم يدخل بالبنت ، فعلى القول الأول له إمساك الأم ، وعلى القول الآخر لا يمسك واحدة منهما ، وهما محرمتان عليه ، حرمت الأم بالعقد على البنت ، وحرمت البنت بإصابة الأم .

التالي السابق


الخدمات العلمية