صفحة جزء
باب خيار العيب.

2300 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "أيما رجل تزوج امرأة وبها جنون، أو جذام، أو برص، فمسها، فلها صداقها، وذلك لزوجها غرم على وليها".

قال الإمام رحمه الله : اختلف أهل العلم في فسخ النكاح بالعيب ، فقال بعضهم : لا يفسخ النكاح بالعيب إلا أن يكون الزوج مجبوبا ، أو عنينا ، ولم ترض به المرأة يفرق بينهما بطلقة ، وهو قول النخعي ، وأصحاب الرأي .

وقال علي رضي الله عنه : إن كان بعد الدخول ، فهي امرأته ، وإن كان قبله ، فرق بينهما .

وقال بعضهم : يفسخ النكاح بسبع من العيوب : الجنون ، والجذام ، والبرص ، فأي الزوجين وجد بصاحبه عيبا من هذه العيوب له فسخ النكاح ، سواء كان قبل الدخول أو بعده ، وهو قول عمر بن الخطاب ، [ ص: 113 ] وبه قال سعيد بن المسيب ، وكذلك إذا وجدت المرأة زوجها مجبوبا أو عنينا ، أو وجد الزوج امرأته رتقاء ، أو قرناء ، فيثبت به فسخ النكاح ، وهو قول الشافعي ، ثم إن كان الفسخ قبل الدخول ، فلا مهر لها ، سواء كان الفسخ من قبله ، أو من قبلها ، وإن كان بعد الدخول ، فلها مهر مثلها ، وإن حدث شيء من هذه العيوب بعد العقد ، فكذلك في ثبوت حق الفسخ ، سواء حدث قبل الدخول ، أو بعده إلا العنة ، فإن حدوثها بعد الدخول لا يثبت لها حق فسخ النكاح ، وإذا فسخ بعيب حدث بعد الدخول ، فلها المسمى ، وإن حدث قبله ، فمهر المثل .

وكذلك إذا غر أحد الزوجين ، بأن شرط في العقد أنه حر ، أو نسيب ، فبان رقيقا ، أو أدنى نسبا مما شرط ، يثبت للآخر فسخ النكاح عند الشافعي ، ولها مهر المثل إن كان بعد الدخول ، ثم إن كان العيب بالمرأة ، أو الغرور من قبل وليها ، فهل يرجع الزوج بما غرم [ ص: 114 ] من المهر على وليها ؟ فيه قولان : أصحهما : لا يرجع ، لأنه غرم بمقابلة منفعة استوفاها ، والثاني : يرجع وهو قول عمر .

قال مالك على حديث عمر : إنما يكون لزوجها الغرم على وليها إذا كان وليها الذي أنكحها أباها ، أو أخاها ، أو من يرى أنه يعلم ذلك منها ، فأما إذا كان وليها الذي أنكحها ابن عم ، أو مولى ، أو ممن لا يرى أنه يعلم ذلك منها ، فليس عليه غرم ، وترد المرأة ما أخذت من صداق نفسها ، ويترك لها ما استحلها به إذا مسها .

ثم إن كان الغرور من قبل المرأة بالحرية ، فالأولاد أحرار ، وعلى الزوج قيمتهم باعتبار يوم السقوط ، ثم يرجع بها على الغار عند أكثر أهل العلم ، وقال الحكم ، فكاك الولد على أبيهم .

وخيار العيب على الفور بعد العلم إلا العنة ، فإنه يضرب لها أجل سنة من يوم مرافعته إلى السلطان ، لاحتمال أنه عجز لعارض يزول بمرور فصول السنة عليه ، ثم إن لم يزل ، فالفسخ بعد السنة على الفور ، روى سعيد بن المسيب ، عن عمر ، أنه أجل العنين سنة ، وقال سعيد بن المسيب : يضرب له أجل سنة ، فإن مسها وإلا فرق بينهما . [ ص: 115 ] .

وإذا أعسر الزوج بنفقة امرأته ، فهل يثبت لها الخروج عن النكاح ؟ اختلف فيه أهل العلم ، فذهب جماعة إلى أن لها الخروج عن النكاح ، وهو قول عمر ، وعلي ، وأبي هريرة ، وبه قال سعيد بن المسيب ، وسليمان بن يسار ، وعطاء بن أبي رباح ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وإسحاق .

أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الكسائي ، أنا عبد العزيز بن أحمد الخلال ، نا أبو العباس الأصم .

ح وأخبرنا أحمد بن عبد الله الصالحي ، ومحمد بن أحمد العارف ، قالا : أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري ، قال : نا أبو العباس الأصم ، أنا الربيع ، أنا الشافعي ، أنا سفيان ، عن أبي الزناد ، قال : سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأته ؟ قال " يفرق بينهما" .

قال أبو الزناد : فقلت : سنة ؟ فقال سعيد : سنة .

قال الشافعي : والذي يشبه قول سعيد سنة ، أن يكون سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال مالك : وعلى ذلك أدركت أهل العلم ببلدنا . [ ص: 116 ] .

وقال الحسن والشعبي : ينفق عليها أو يطلقها ، وذهب جماعة إلى أنه لا يثبت به الخروج عن النكاح ، وهو قول الزهري ، وابن أبي ليلى ، وأصحاب الرأي ، وكذلك الخلاف في الإعسار بالصداق ، غير أن في الإعسار بالنفقة إذا رضيت به المرأة ، ثم بدا لها ، فلها الخروج على قول من يثبت به الخروج عن النكاح ، وفي الإعسار بالصداق سقط حقها من الخروج عن النكاح إذا رضيت مرة .

التالي السابق


الخدمات العلمية