صفحة جزء
باب استبراء أم الولد.

2393 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن نافع، عن عبد الرحمن بن عمر، أنه كان يقول: "عدة أم الولد إذا هلك سيدها حيضة".

قال الإمام : أم الولد إذا هلك عنها سيدها ، يجب عليها التربص باتفاق العلماء ، واختلفوا في مدته ، فذهب جماعة إلى أن عليها أن تعتد أربعة أشهر وعشرا ، كالحرة إذا مات عنها زوجها ، لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص ، قال : " لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم عدة المتوفى عنها أربعة أشهر وعشر" .

يعني : أم الولد .

وهذا قول سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن ، وابن سيرين ، وإليه ذهب الأوزاعي ، وإسحاق بن راهويه .

وذهب قوم إلى أنها تعتد بثلاث حيض ، روي ذلك عن علي ، وعبد الله بن مسعود ، وهو قول عطاء ، والنخعي ، وإليه ذهب سفيان الثوري ، وأصحاب الرأي .

وقال قوم : " تعتد بحيضة" ، روي ذلك عن ابن عمر ، وهو قول [ ص: 318 ] عروة بن الزبير ، والقاسم بن محمد ، والشعبي ، والزهري ، وإليه ذهب مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وتأول بعضهم حديث عبد الله بن عمرو ، على أم الولد بعينها أعتقها مولاها ، ثم تزوجها ، فهذه إذا مات سيدها عليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر باتفاق أهل العلم ، وإذا زوج الرجل أم ولده ، ثم مات المولى وهي في نكاح الغير ، أو في عدة الزوج ، فلا يجب عليها الاستبراء عن السيد ، ولو مات الزوج قبل موت المولى ، عليها أن تعتد عن الزوج بشهرين وخمس ليال ، ولو مات المولى ، أو أعتقها قبل مضي شهرين وخمس ليال ، فهل لها أن تقتصر على عدة الإماء ، أم عليها أن تكمل أربعة أشهر وعشرا ؟ فيه قولان ، ولو مات المولى بعد انقضاء عدتها من الزوج أو أعتقها ، عليها الاستبراء عن المولى .

ولو مات المولى والزوج جميعا ، ولم يدر أيهما سبق موته ، فإن كان بين موتيهما أقل من شهرين وخمس ليال ، يجب عليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر ، ولا استبراء عليها من السيد ، لأنها يوم موت السيد إما إن كانت في نكاح الزوج ، أو عدته إن كان موت الزوج سابقا ، وإن كان بين الموتين شهران وخمس ليال فأكثر ، عليها أن تعتد بأربعة أشهر وعشر ، فيها حيضة من موت الآخر منهما ، لأن الزوج إن مات أولا ، فعليها الاستبراء بحيضة عن المولى ، وإن مات المولى أولا ، فعليها أن تعتد عن الزوج بأربعة أشهر وعشر .

التالي السابق


الخدمات العلمية