صفحة جزء
2429 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي، أنا زاهر بن أحمد، أنا أبو إسحاق الهاشمي، أنا أبو مصعب، عن مالك، عن نافع، أن عبد الله بن عمر، كان يقول: "المكاتب عبد ما بقي عليه من كتابته شيء".

ويروى عنه أنه قال: هو عبد إن عاش، وإن مات، وإن جنى ما بقي عليه شيء.

قال الإمام : ويروى عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جده ، أن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم" .

وروي عن مجاهد ، أن زيد بن ثابت ، قال : المكاتب هو عبد ما بقي عليه درهم .

ومثله عن عائشة ، واستأذن عليها سليمان بن يسار ، فعرفته بالصوت ، فقالت سليمان ، ادخل فإنك مملوك ما بقي عليك شيء . [ ص: 374 ] .

قال رحمه الله : الكتابة جائزة باتفاق أهل العلم ، وهو أن يكاتب عبده على مال معلوم ، فإذا أداه ، عتق ، فيصير العبد بالكتابة أحق بمكاسبه ، وإذا أدى ، عتق ، وما فضل من النجوم من ماله يكون له ، ويتبعه أولاده في العتق ، ولا يجوز عند الشافعي على أقل من نجمين ، وجوز أبو حنيفة الكتابة على نجم واحد وحالة ، وإذا عجز المكاتب عن أداء بعض ما عليه عند المحل ، وإن قل ، فللسيد فسخ كتابته ، ورده إلى ما كان عليه من الرق ، وإذا مات قبل أداء النجوم ، اختلف أهل العلم ، فذهب كثير منهم إلى أنه يموت رقيقا ، وترتفع الكتابة ، سواء ترك وفاء ، أو لم يترك ، كما لو تلف المبيع قبل القبض ينفسخ البيع ، وهو قول عمر ، وابن عمر ، وزيد بن ثابت ، وبه قال عمر بن عبد العزيز ، والزهري ، وقتادة ، وإليه ذهب الشافعي ، وأحمد ، وذهب قوم إلى أنه إن ترك وفاء بما بقي عليه من الكتابة ، كان حرا ، وإن كان فيه فضل ، فالزيادة لأولاده الأحرار ، روي ذلك عن علي ، وابن مسعود ، وهو قول عطاء ، وطاوس ، والنخعي ، والحسن ، وشريح ، وبه قال مالك ، والثوري ، وأصحاب الرأي ، وإذا أدى المكاتب بعض كتابته في حياته ، فلا يعتق شيء منه ما لم يؤد آخر النجوم عند أكثر أهل العلم ، وبه قال الثوري ، والشافعي ، وأصحاب الرأي ، وأحمد ، وإسحاق .

وقال بعضهم : يعتق بقدر ما يؤدي .

يروى ذلك عن علي ، وقاله النخعي ، وقد روى يزيد بن هارون ، عن حماد بن سلمة ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ، قال : " إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ، ورث بحساب ما عتق منه" .

قال : وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " يؤدي المكاتب بحصة ما أدى دية حر ، وما بقي [ ص: 375 ] دية عبد" .

وهكذا روى يحيى بن أبي كثير ، عن عكرمة ، عن ابن عباس ، عن النبي صلى الله عليه وسلم .

وروى خالد الحذاء ، عن عكرمة ، عن علي قوله .

وعامة أهل العلم على أن المكاتب إذا قتل ، وقد بقي شيء من النجوم يجب على قاتله قيمته كالعبد ، إلا إبراهيم النخعي ، فإنه قال بظاهر هذا الحديث ، والآخرون لعلهم ذهبوا إلى أن الحديث غير ثابت ولو ثبت ، وجب القول به إذا لم يكن منسوخا ، أو معارضا بما هو أولى منه .

وروى الزهري عن نبهان ، مكاتب لأم سلمة ، عن أم سلمة ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إذا كان عند مكاتب إحداكن ما يؤدي فلتحتجب منه" .

وهذا عند أهل العلم على التورع ، والاحتياط ، لأنه بعرض أن يعتق في كل ساعة ، بأن يؤدي نجومه ، لا أنه يعتق قبل أداء النجوم ، قال الشافعي : ويجبر السيد على أن يضع من كتابته شيئا ، لقول الله عز وجل : ( وآتوهم من مال الله الذي آتاكم ) واحتج بأن ابن عمر كاتب عبدا له على خمسة وثلاثين ألف درهم ، ثم وضع عنه خمسة آلاف من آخر كتابته ، ولم يوجب قوم ذلك .

وإذا كاتب الرجل عبده كتابة فاسدة ، يعتق بأداء المال ، ويتبعه الأولاد والأكساب كما في [ ص: 376 ] الكتابة الصحيحة ، ويفترقان في بعض الأحكام ، وهي أن الكتابة الصحيحة لا يملك المولى فسخها ما لم يعجز المكاتب عن أداء النجوم ، ولا يبطل بموت المولى ، ويعتق بالإبراء عن النجوم ، والكتابة الفاسدة يملك المولى فسخها قبل أداء المال ، وإذا فسخ ، ثم أدى لا يعتق ، ويبطل بموت المولى ، ولا يعتق بالإبراء عن النجوم ، وإذا عتق بالأداء لا يثبت التراجع في الكتابة الصحيحة ، ويثبت في الكتابة الفاسدة ، فيرجع المولى عليه بقيمة رقبته ، وهو يرجع على المولى بما دفع إليه إن كان مالا .

التالي السابق


الخدمات العلمية