باب أخذ الجعل.
2671 - أخبرنا
أبو الحسن محمد بن محمد الشيرزي، أنا
أبو علي زاهر بن أحمد الفقيه السرخسي، أنا
أبو بكر محمد بن سهل بن عبد الله القهستاني المعروف بأبي تراب، نا
nindex.php?page=showalam&ids=13918محمد بن إبراهيم البوشنجي، نا
محمد بن رمح المهاجر بن المحرز بن سالم التجيبي المصري، نا
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث بن سعد، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15784حيوة بن شريح، عن
ابن شفي، عن أبيه، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو، nindex.php?page=hadith&LINKID=674087أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "قفلة كغزوة"، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "للغازي أجره، وللجاعل أجره، وأجر الغازي".
قوله : " قفلة كغزوة " ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228أبو سليمان الخطابي : هذا يحتمل وجهين : أحدهما : أن يكون أراد به القفول عن الغزو ، والرجوع إلى الوطن ، يقول : إن أجر المجاهد في انصرافه إلى أهله كأجره في إقباله
[ ص: 15 ] إلى الجهاد ، وذلك لأن تجهيز الغازي يضر بأهله ، وفي قفوله إليهم إزالة الضرر عنهم ، واستجمام للنفس ، واستعداد بالقوة للعود .
والوجه الآخر : أن يكون أراد بذلك التعقيب ، وهو رجوعه ثانيا في الوجه الذي جاء منه منصرفا ، وإن لم يلق عدوا ، وقد يفعل الجيش ذلك لأحد أمرين : أحدهما : أن العدو إذا رأوهم قد انصرفوا عن ساحتهم أمنوهم ، فخرجوا من مكامنهم ، فإذا قفل الجيش إلى دار العدو ، نالوا الفرصة منهم ، فأغاروا عليهم .
والآخر : أنهم إذا انصرفوا من مغزاهم ظاهرين لم يأمنوا أن يقفو العدو أثرهم ، فيوقعوا بهم وهم غارون ، فربما استظهر الجيش ، أو بعضهم بالرجوع على أدراجهم ينقضون الطريق ، فإن كان من العدو طلب ، كانوا مستعدين للقائهم .
قال الإمام : وقد صح عن
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=86أبي طلحة : nindex.php?page=hadith&LINKID=663841أن نبي الله صلى الله عليه وسلم ، " كان إذا ظهر على قوم ، أقام بعرصتهم ثلاثا " .
قوله : " للجاعل أجره وأجر الغازي " ، فيه ترغيب للجاعل ورخصة للمجعول له .
واختلف أهل العلم في جواز
أخذ الجعل على الجهاد ، فرخص فيه
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ، ومالك ، وأصحاب الرأي ، ولم يجوزه قوم ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر ، أنه قال : أرى الغازي يبيع غزوه ، وأرى هذا يفر من غزوه ، وكرهه
علقمة ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي : لا يجوز أن يغزو بجعل ، فإن أخذه ، فعليه رده ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12354النخعي : لا بأس بالإعطاء ، وأكره الأخذ .
[ ص: 16 ] .
واختلف أهل العلم في
الأجير للعمل ، وحفظ الدواب يحضر الوقعة هل يسهم له؟ ، فقد قيل : لا يسهم له ، قاتل أو لم يقاتل ، إنما له أجرة عمله ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، وإسحاق ، وأحد أقوال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي .
وقيل : يرضخ له ، وقيل : يسهم له إذا قاتل ، فإن لم يقاتل ، فلا سهم له ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=16004الثوري ، وأحد أقوال
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد : يسهم له ، وإن لم يقاتل إذا كان مع الناس عند القتال ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ، nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين ، وقيل : يخير بين الأجرة والسهم ، فإن ترك أجرة عمله ، فله السهم ، وإن طلب الأجرة ، فلا سهم له .
وقد روي عن
يحيى بن أبي عمرو السيباني ، عن
عبد الله بن الديلمي ، أن
يعلى بن منية ، قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674088أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغزو وأنا شيخ كبير ليس لي خدم ، فالتمست أجيرا يكفيني ، وأجري له سهمي ، فوجدت رجلا ، فلما دنا الرحيل ، أتاني ، فقال : ما أدري ما السهمان فسم لي شيئا ، فسميت له ثلاثة دنانير ، فلما حضرت غنيمة ، أردت أن أجري له سهمه ، فذكرت الدنانير ، فجئت النبي صلى الله عليه وسلم ، فذكرت له أمره ، فقال : " ما أجد له في غزوته هذه في الدنيا والآخرة إلا دنانيره التي سمى " .
فأما إذا استؤجر الرجل للجهاد ، فالإجارة باطلة ، وإذا حضر الوقعة ، فلا سهم له ، لأنه يعمل لغيره ، وقيل : يستحق السهم ، لأن جهاده يقع عن نفسه .
[ ص: 17 ] .
ولو أسلم كافر ، فالتحق بصف المسلمين ، يستحق السهم ، وإذا أفلت أسير من أيدي الكفار ، فحضر القتال ، فإن قاتل ، يستحق السهم ، وإن لم يقاتل ، فقد قيل : يسهم له ، وقيل : لا يسهم .
ومن حضر دار الحرب تاجرا ، فحضر الوقعة ، فإن لم يقاتل فلا سهم له ، وإن قاتل ، فقد قيل : يسهم له ، وقيل : لا يسهم له ، أما إذا حضر مجاهدا ، وحمل معه مالا يتجر فيه ، فيستحق السهم وإن لم يقاتل ، ويجوز استئجار الذمي على الجهاد ، لأنه لا يفترض عليه بحضوره الوقعة بخلاف المسلم .
ولو غزا رجل على فرس استأجره ، يجوز ويستحق السهم ، ويكون للمستأجر ، وعليه للآجر الكراء .
وروي عن
رويفع بن ثابت أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=671956إن كان أحدنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ نضو أخيه على أن له النصف مما يغنم ، ولنا النصف ، وإن كان أحدنا ليطير له النصل ، والريش ، وللآخر القدح .
أراد بالنضو : البعير المهزول .
ففيه دليل على أنه
لو اكترى فرسا ، أو بعيرا للغزو على أن للمكري سهم المكتري من الغنيمة ، أو نصف ما يغنم ، أو ثلثه على ما يتشارطان أنه يجوز ، وإليه ذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13760الأوزاعي ، nindex.php?page=showalam&ids=12251وأحمد .
وأخذ
nindex.php?page=showalam&ids=16576عطية بن قيس فرسا على النصف ، فبلغ سهم الفرس أربع مائة دينار ، فأخذ مائتين ، وأعطى صاحبه مائتين .
ولم يجوزه أكثر الفقهاء لجهالة العوض ، وأوجبوا على المكتري إذا استعمله أجر المثل .
وقوله : " وإن كان أحدنا ليطير له النصل" ، أي : يصيبه في القسمة ، يقال : طار لفلان النصف ، ولفلان الثلث : إذا وقع له ذلك
[ ص: 18 ] في القسمة .
والقدح : خشب السهم قبل أن يراش ، ويركب فيه النصل .
وفيه دليل على أن الشيء المشترك بين الجماعة إذا احتمل القسمة ، كان له ذلك ما دام ينتفع بما يخصه منه ، وإن قل ، وذلك لأن القدح قد ينتفع به عريا من الريش والنصل ، وكذلك ينتفع بالريش والنصل ، وإن لم يكونا مركبين في قدح ، فأما ما لا ينتفع بقسمته أحد من الشركاء كاللؤلؤة ، والشيء الذي إذا فرق بين أجزائه ، بطلت منفعته ، فلا تجب المقاسمة فيه ، لأنه إضاعة المال ، بل يبيعونه ، ويقتسمون ثمنه .
قال الإمام : أما
تجهيز الغزاة وإعانتهم بالمال ، فجائز ، قال النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=674071 " من جهز غازيا في سبيل الله ، فقد غزا " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : قلت
nindex.php?page=showalam&ids=12لابن عمر : أريد الغزو ، قال : إني أحب أن أعينك بطائفة من مالي ، قلت : وسع الله علي ، قال : إن غناك لك ، وإني أحب أن يكون من مالي في هذا الوجه .