صفحة جزء
3547 - أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنا محمد بن يوسف، نا محمد بن إسماعيل ، قال: قال عبد الله بن محمد حدثنا عبد الصمد، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار ، عن أبيه، عن ابن عمر ، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "الكريم ابن الكريم ابن الكريم ابن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم".

هذا حديث صحيح.

فإن قيل: أليس قد افتخر النبي صلى الله عليه وسلم بجده، حيث قال: " أنا النبي [ ص: 127 ] لا كذب أنا ابن عبد المطلب "، قيل: إنه لم يذهب بهذا القول مذهب الانتساب إلى شرف الآباء على سبيل الافتخار، ولكنه ذكرهم رؤيا كان رآها عبد المطلب له أيام حياته، فأخبر بها قريشا، فعبروها على أنه سيكون له ولد يسود الناس، ويهلك أعداؤه على يديه، وكانت إحدى دلائل نبوته، وكانت القصة فيها مشهورة، فعرفهم شأنها، وخروج الأمر على الصدق فيها، ليتقوى بها من انهزم من أصحابه، ويرجعوا واثقين بأن العاقبة له.

والله أعلم.

وجواب آخر: أن الافتخار والاعتزاء المنهي ما كان في غير جهاد الكفار، وقد رخص النبي صلى الله عليه وسلم في الخيلاء في الحرب، مع نهيه عنها في غيرها، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم نصر بالرعب، فإذا أخبر باسمه، وقع الرعب في قلوبهم، فكان ذلك سببا لنفرتهم، كما روي أن عليا لما بارز مرحبا يوم خيبر، قال: " أنا الذي سمتني أمي حيدرة "، قيل: كان السبب فيه أن مرحبا كان قد أنذر أن قاتله، يقال له: حيدر، وكان علي حين ولدته أمه سمته أسدا، وكان أبو طالب غائبا وقت مولده، فلما بلغه خبره، سماه عليا، فعدل علي عن اسمه المشهور إلى الآخر ينذره أنه سيقتله، لأنه أسد، والأسد يسمى حيدرا، والله أعلم.

وقد قيل في قصة ضمام بن ثعلبة: إنه حين دخل المسجد، فقال: [ ص: 128 ] يا ابن عبد المطلب، فقال له صلى الله عليه وسلم: " قد أجبتك "، أنه إنما لم يستأنف له الجواب.

لأنه كره نسبته إلى جده الذي مضى في الكفر، وأحب أن يدعوه باسم النبوة والرسالة التي خصه الله سبحانه وتعالى بها، والله أعلم.

قلت: وإكرام كريم القوم، وإنزال الناس منازلهم من السنة.

وفي صفة النبي صلى الله عليه وسلم، " أنه كان يكرم كريم كل قوم، ويوليه عليهم ".

وأتى جرير بن عبد الله البجلي النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجد مكانا، فألقى النبي صلى الله عليه وسلم إليه رداءه ليجلس عليه، وقال: " إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه ".

وكانت عائشة في سفر فوضع طعامها، فجاء سائل، فقالت: " ناولوه قرصا، ثم مر رجل على دابة، فقالت: " ادعوه إلى الطعام "، فقيل لها فيه، فقالت: " إن الله سبحانه وتعالى أنزل الناس منازل لا بد لنا أن ننزلهم تلك المنازل، هذا المسكين يرضى بقرص، وقبيح بنا أن نعطي الغني ذا الهيئة قرصا ". [ ص: 129 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية