صفحة جزء
باب كيف الحشر

قال سبحانه وتعالى: ( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه ) ، قال الربيع بن خثيم ، والحسن : إن كل ذلك هين عليه، يعني: البدأة والإعادة.

وحكي عن الشافعي ، أنه قال: معناه: هو أهون عليه في العبرة عندكم، ليس أن شيئا يعظم على الله عز وجل.

قال الله سبحانه وتعالى: ( وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة ) ، وقال الله سبحانه وتعالى: [ ص: 120 ] ( ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون ) ، أراد القبر، وكل حاجز بين شيئين برزخ، وقال قتادة : البرزخ بقية الدنيا.

وقال الله سبحانه وتعالى: ( وإذا القبور بعثرت ) ، أي: قلبت، فأخرج ما فيها.

وقال سبحانه وتعالى: ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) .

قال عمر : ( وإذا النفوس زوجت ) يزوج نظيره من أهل الجنة والنار، ثم قرأ: ( احشروا الذين ظلموا وأزواجهم ) ، وقال: ( ويوم يحشر أعداء الله إلى النار فهم يوزعون ) ، قيل: معناه يحبس أولهم على آخرهم، والوزع: الكف والمنع، وقال: ( يقولون أإنا لمردودون في الحافرة ) ، أي: إلى أول الأمر في الحياة، كانوا ينكرون البعث، يقال: عاد فلان إلى حافرته، أي: رجع إلى الحالة الأولى.

وقوله: ( ونحشر المجرمين يومئذ زرقا ) ، قيل: عميا، وقيل: عطاشا، وقيل للعطاش: زرق، لأن أعينهم تزرق من شدة العطش، ويقال للمياه الصافية: زرق. [ ص: 121 ] .

وقال الله سبحانه وتعالى: ( فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون ) ، أي: من القبور، والجدث والجدف: القبر.

وقوله عز وجل: ( وهم من كل حدب ينسلون ) ، أي: أكمة، والحدب: ما ارتفع من الأرض، ( ينسلون ) ، أي: يسرعون، كما قال جل ذكره: ( كأنهم إلى نصب يوفضون ) ، أي: كأنهم نصب لهم شيء، فهم يسرعون إليه، وقال سبحانه وتعالى: ( يخرجون من الأجداث كأنهم جراد منتشر مهطعين ) ، أي: مسرعين، ويقال المهطع: الذي ينظر في ذل وخشوع، لا يقلع بصره، وقال سبحانه وتعالى: ( مهطعين مقنعي رؤوسهم ) ، أي: مسرعين رافعي رؤوسهم ينظرون في ذل، والإقناع: رفع الرأس من غير أن يلتفت يمينا، أو شمالا.

وقوله سبحانه وتعالى: ( وأفئدتهم هواء ) ، أي: لا تعي شيئا، ولا تعقل من الخوف، والهواء: الذي لا يثبت فيه شيء، فهو خال، وقيل: هذا مبين في قوله سبحانه وتعالى: ( إذ القلوب لدى الحناجر ) ، [ ص: 122 ] فأعلم أن القلوب قد فارقت الأفئدة، والأفئدة هواء لا شيء فيها.

وقوله سبحانه وتعالى: ( ذلك يوم الخروج ) ، يعني: يوم الخروج من القبور.

وقيل: هو من أسماء يوم القيامة.

وقوله عز وجل: ( وخشعت الأصوات للرحمن فلا تسمع إلا همسا ) ، أي: صوتا خفيا من وطء أقدامهم إلى المحشر.

4311 - أخبرنا أبو الحسن الشيرزي ، أنا زاهر بن أحمد ، أنا أبو إسحاق الهاشمي ، أنا أبو مصعب ، عن مالك ، عن أبي الزناد ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال: " كل ابن آدم يأكله التراب إلا عجب الذنب، منه خلق، وفيه يركب " .

هذا حديث صحيح، أخرجه مسلم ، عن المغيرة الحزامي ، عن أبي الزناد .

التالي السابق


الخدمات العلمية